القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة التحريم
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ۚ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2) (التحريم) 

قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " قَدْ فَرَضَ اللَّه لَكُمْ تَحِلَّة أَيْمَانكُمْ " وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَلَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَد مِنْ أَصْحَاب الْكُتُب السِّتَّة وَقَدْ اِخْتَارَهُ الْحَافِظ الضِّيَاء الْمَقْدِسِيّ فِي كِتَابه الْمُسْتَخْرَج . وَقَالَ اِبْن جَرِير أَيْضًا حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم ثَنَا اِبْن عُلَيَّةَ ثَنَا هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى يُحَدِّث عَنْ يَعْلَى بْن حَكِيم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّ اِبْن عَبَّاس كَانَ يَقُول فِي الْحَرَام يَمِين تُكَفِّرهَا وَقَالَ اِبْن عَبَّاس " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة "يَعْنِي أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ جَارِيَته فَقَالَ اللَّه تَعَالَى " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك - إِلَى قَوْله - قَدْ فَرَضَ اللَّه لَكُمْ تَحِلَّة أَيْمَانكُمْ " فَكَفَّرَ يَمِينه فَصَيَّرَ الْحَرَام يَمِينًا. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيّ عَنْ مُعَاذ بْن فَضَالَةَ عَنْ هِشَام هُوَ الدَّسْتُوَائِيّ عَنْ يَحْيَى هُوَ اِبْن أَبِي كَثِير عَنْ اِبْن حَكِيم وَهُوَ يَعْلَى عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي الْحَرَام يَمِين تُكَفِّر وَقَالَ اِبْن عَبَّاس " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة " وَرَوَاهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ بِهِ وَقَالَ النَّسَائِيّ أَنَا عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمَد بْن عَلِيّ ثَنَا مَخْلَد بْن يَزِيد ثَنَا سُفْيَان عَنْ سَالِم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ أَتَاهُ رَجُل فَقَالَ إِنِّي جَعَلْت اِمْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامًا قَالَ كَذَبْت لَيْسَ عَلَيْك بِحَرَامٍ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك " عَلَيْك أَغْلَظُ الْكَفَّارَات عِتْق رَقَبَة تَفَرَّدَ بِهِ النَّسَائِيّ مِنْ هَذَا الْوَجْه بِهَذَا اللَّفْظ وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ ثَنَا مُحَمَّد بْن زَكَرِيَّا ثَنَا عَبْد اللَّه بْن رَجَاء ثَنَا إِسْرَائِيل عَنْ مُسْلِم عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك " قَالَ حَرَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُرِّيَّته وَمِنْ هَهُنَا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ مِنْ الْفُقَهَاء مِمَّنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَة عَلَى مَنْ حَرَّمَ جَارِيَته أَوْ زَوْجَته أَوْ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا أَوْ مَلْبَسًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الْمُبَاحَات وَهُوَ مَذْهَب الْإِمَام أَحْمَد وَطَائِفَة وَذَهَبَ الشَّافِعِيّ إِلَى أَنَّهُ لَا تَجِب الْكَفَّارَة فِيمَا عَدَا الزَّوْجَة وَالْجَارِيَة إِذَا حَرَّمَ عَيْنَيْهِمَا أَوْ أَطْلَقَ التَّحْرِيم فِيهِمَا فِي قَوْل فَأَمَّا إِذَا نَوَى بِالتَّحْرِيمِ طَلَاق الزَّوْجَة أَوْ عِتْق الْأَمَة نَفَذَ فِيهِمَا وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد اللَّه الطَّهْرَانِيّ أَنَا حَفْص بْن عُمَر الْعَدَنِيّ أَنَا الْحَكَم بْن أَبَان أَنَا عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك " فِي الْمَرْأَة الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا قَوْل غَرِيب . وَالصَّحِيح أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي تَحْرِيمه الْعَسَل كَمَا قَالَ الْبُخَارِيّ عِنْد هَذِهِ الْآيَة ثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى أَنَا هِشَام بْن يُوسُف عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر عَنْ عَائِشَة قَالَتْ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَب عَسَلًا عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش وَيَمْكُث عِنْدهَا فَتَوَاطَأْت أَنَا وَحَفْصَة عَلَى أَيَّتِنَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ لَهُ : أَكَلْت مَغَافِير إِنِّي أَجِد مِنْك رِيح مَغَافِير . قَالَ" لَا وَلَكِنِّي كُنْت أَشْرَب عَسَلًا عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش فَلَنْ أَعُود لَهُ وَقَدْ حَلَفْت لَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا " " تَبْتَغِي مَرْضَاة أَزْوَاجك " هَكَذَا أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيث هَهُنَا بِهَذَا اللَّفْظ . وَقَالَ فِي كِتَاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور ثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد ثَنَا الْحَجَّاج عَنْ اِبْن جُرَيْج قَالَ زَعَمَ عَطَاء أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْد بْن عُمَيْر يَقُول سَمِعْت عَائِشَة تَزْعُم أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْكُث عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش وَيَشْرَب عِنْدهَا عَسَلًا فَتَوَاطَأْت أَنَا وَحَفْصَة أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْتَقُلْ لَهُ إِنِّي أَجِد مِنْك رِيح مَغَافِير أَكَلْت مَغَافِير فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : "لَا بَلْ شَرِبْت عَسَلًا عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش وَلَنْ أَعُود لَهُ" فَنَزَلَتْ " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك - إِلَى قَوْله تَعَالَى - إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّه فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا " لِعَائِشَةَ وَحَفْصَة .
كتب عشوائيه
- إقراء القرآن الكريمتبين هذه الرسالة منهج النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعلم القرآن وتعليمه، وشروط الإقراء وأساليبه وصفاته، وآداب المقرئ والقارئ. وقد ختمت الرسالة بالكلام عن آداب المقرئ والقارئ. ففي آداب المقرئ جرى بحث الموضوعات التالية: أخلاق المقرئ، وهيئة المقرئ أثناء الإقراء، والتسوية بين القراء، والرفق بالقارئ إذا أخطأ، وبكاء المقرئ لقراءة القارئ، ووعظ المقرئ للقارئ وإرشاده، وأخذ الأجرة على الإقراء. وفي آداب القارئ جرى بحث: أخلاق القارئ، وآداب القارئ مع المقرئ، وآداب القارئ مع أقرانه، وهيئة القارئ عند القراءة، والسجود عند قراءة آية السجدة، وأدب القارئ بعد الانتهاء من القراءة، وآداب ختم القرآن الكريم.
المؤلف : دخيل بن عبد الله الدخيل
الناشر : معهد الإمام الشاطبي http://www.shatiby.edu.sa
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/385698
- الوصايا الجلية للاستفادة من الدروس العلميةالوصايا الجليّة للاستفادة من الدروس العلميّة : أصل هذا المؤلف كلمة لمعالي الوزير في افتتاح الدورة السادسة في مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية - بحي سلطانة في مدينة الرياض.
المؤلف : صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
الناشر : موقع الإسلام http://www.al-islam.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/167478
- منهاج المسلم الصغيركتاب يحتوي على رسومات توضيحية وجداول وتقسيمات لتعليم أحكام الطهارة والصلاة للأطفال.
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/328241
- رمي الجمرات في ضوء الكتاب والسنة وآثار الصحابة رضي الله عنهمرمي الجمرات في ضوء الكتاب والسنة وآثار الصحابة رضي الله عنهم: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرةٌ،محررةٌ، في «رمي الجمرات في ضوء الكتاب والسنة» بيَّنت فيها كل ما يحتاجه الحاج في رمي الجمرات في يوم العيد وأيام التشريق، وقرنت كل مسألة بدليلها من الكتاب والسنة، أو الإجماع، أو من أقوال الصحابة - رضي الله عنهم -. وقد ذكرت في متن هذه الرسالة القول الصحيح الراجح بدليله، وذكرت في الحواشي المسائل الخلافية، وبيَّنت الراجح منها؛ ليستفيد من ذلك طالب العلم وغيره ... وقد قسمت البحث إلى أربعة مباحث على النحو الآتي: المبحث الأول: مفهوم رمي الجمرات: لغة واصطلاحًا. المبحث الثاني: سبب مشروعية رمي الجمرات. المبحث الثالث: رمي جمرة العقبة وآدابه. المبحث الرابع: رمي الجمرات أيام التشريق وآدابه». - قدم له : فضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله -، والشيخ العلامة صالح بن محمد اللحيدان - حفظه الله -.
المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني
الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/193662
- مقومات الدعوة إلى اللهتحدث الشيخ - حفظه الله - عن مقومات الدعوة إلى الله، فبدأ ببيان مهمة المسلم في هذه الحياة، ثم فضل الدعوة إلى الله، وأنواعها، وأهمية تزكية العلم بالعمل والدعوة إلى الله..
المؤلف : صالح بن محمد اللحيدان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2498