القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة البقرة
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ۖ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) (البقرة) 

ثُمَّ أَمَرَ اللَّه تَعَالَى بِقِتَالِ الْكُفَّار " حَتَّى لَا تَكُون فِتْنَةٌ" أَيْ شِرْك قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَأَبُو الْعَالِيَة وَمُجَاهِد وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالرَّبِيع وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَالسُّدِّيّ وَزَيْد بْن أَسْلَمَ " وَيَكُون الدِّين لِلَّهِ " أَيْ يَكُون دِين اللَّه هُوَ الظَّاهِر الْعَالِي عَلَى سَائِر الْأَدْيَان كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ : سُئِلَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الرَّجُل يُقَاتِل شُجَاعَة وَيُقَاتِل حَمِيَّة وَيُقَاتِل رِيَاء أَيّ ذَلِكَ فِي سَبِيل اللَّه ؟ فَقَالَ : " مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيل اللَّه " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّه " . وَقَوْله " فَإِنْ اِنْتَهَوْا فَلَا عُدْوَان إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " يَقُول تَعَالَى فَإِنْ اِنْتَهَوْا عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ الشِّرْك وَقِتَال الْمُؤْمِنِينَ فَكَفُّوا عَنْهُمْ فَإِنَّ مَنْ قَاتَلَهُمْ بَعْد ذَلِكَ فَهُوَ ظَالِم وَلَا عُدْوَان إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْل مُجَاهِد أَنْ لَا يُقَاتَلَ إِلَّا مَنْ قَاتَلَ أَوْ يَكُون تَقْدِيره فَإِنْ اِنْتَهَوْا فَقَدْ تَخَلَّصُوا مِنْ الظُّلْم وَهُوَ الشِّرْك فَلَا عُدْوَان عَلَيْهِمْ بَعْد ذَلِكَ وَالْمُرَاد بِالْعُدْوَانِ هَاهُنَا الْمُعَاقَبَة وَالْمُقَاتَلَة كَقَوْلِهِ " فَمَنْ اِعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدَى عَلَيْكُمْ " وَقَوْله وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا " " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ " وَلِهَذَا قَالَ عِكْرِمَة وَقَتَادَة الظَّالِم الَّذِي أَبَى أَنْ يَقُول لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . وَقَالَ الْبُخَارِيّ قَوْله : " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُون فِتْنَةٌ" الْآيَة . حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار حَدَّثَنَا عَبْد الْوَهَّاب حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ أَتَاهُ رَجُلَانِ فِي فِتْنَة اِبْن الزُّبَيْر فَقَالَا : إِنَّ النَّاس ضَيَّعُوا وَأَنْتَ اِبْن عُمَر وَصَاحِب النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا يَمْنَعُك أَنْ تَخْرُجَ ؟ فَقَالَ : يَمْنَعنِي أَنَّ اللَّه حَرَّمَ دَم أَخِي قَالَا : أَلَمْ يَقُلْ اللَّه " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُون فِتْنَة " ؟ فَقَالَ : قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَة وَكَانَ الدِّين لِلَّهِ وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُون فِتْنَة وَحَتَّى يَكُون الدِّين لِغَيْرِ اللَّه وَزَادَ عُثْمَان بْن صَالِح عَنْ اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي فُلَان وَحَيْوَة بْن شُرَيْح عَنْ بَكْر بْن عُمَر الْمَعَافِرِيّ أَنَّ بُكَيْر بْن عَبْد اللَّه حَدَّثَهُ عَنْ نَافِع أَنَّ رَجُلًا أَتَى اِبْن عُمَر فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن مَا حَمَلَك عَلَى أَنْ تَحُجّ عَامًا وَتُقِيم عَامًا وَتَتْرُك الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ عَلِمْت مَا رَغَّبَ اللَّهُ فِيهِ ؟ فَقَالَ يَا اِبْن أَخِي بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْس : الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَالصَّلَاة الْخَمْس وَصِيَام رَمَضَان وَأَدَاء الزَّكَاة وَحَجّ الْبَيْت . قَالُوا يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن أَلَا تَسْمَع مَا ذَكَرَ اللَّه فِي كِتَابه" وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْر اللَّه " " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُون فِتْنَة " قَالَ فَعَلْنَا عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ الْإِسْلَام قَلِيلًا فَكَانَ الرَّجُل يُفْتَن فِي دِينه إِمَّا قَتَلُوهُ أَوْ عَذَّبُوهُ حَتَّى كَثُرَ الْإِسْلَام فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَة قَالَ فَمَا قَوْلك فِي عَلِيّ وَعُثْمَان ؟ قَالَ أَمَّا عُثْمَان فَكَانَ اللَّه عَفَا عَنْهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَكَرِهْتُمْ أَنْ يَعْفُو عَنْهُ وَأَمَّا عَلِيّ فَابْن عَمّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَتَنه فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقَالَ هَذَا بَيْته حَيْثُ تَرَوْنَ.
كتب عشوائيه
- الاختلاط بين الجنسين [حقائق وتنبيهات]ذكر المؤلف حفظه الله في كتابه معنى الاختلاط، والأدلة الصريحة على تحريمه من الكتاب والسنة، وذكر أقول أئمة المذاهب عنه، وتحدث عن أسباب الاختلاط وتجارب المجتمعات المختلطة، وأقوال أهل العلم فيه.
المؤلف : سليمان بن صالح الجربوع
الناشر : دار القاسم
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/260382
- صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلمصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: كتاب يُبيِّن كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي بذكر أحاديث صفة صلاته - عليه الصلاة والسلام - مع بيان صحتها من ضعفها; وشرحها والتعليق عليها بما يُجلِّي معانيها وفوائدها.
المؤلف : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
الناشر : شبكة الألوكة http://www.alukah.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/316726
- إنها ملكةإنها ملكة: نداءٌ إلى الطاهرات العفيفات، بضرورة الالتزام بالكتاب والسنة في حجابهن وعفافهن؛ من خلال قصص مؤثِّرة من قصص السابقين والمعاصرين.
المؤلف : محمد بن عبد الرحمن العريفي
الناشر : موقع الشيخ العريفي www.arefe.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/336145
- أحاديث عشر ذي الحجة وأيام التشريق أحكام وآداب ويليها رسالة في أحاديث شهر الله المحرمأحاديث عشر ذي الحجة وأيام التشريق أحكام وآداب ويليها رسالة في أحاديث شهر الله المحرم: رسالة مشتملة على جُملٍ مختصرة من الأحكام والآداب المتعلقة بعشر ذي الحجة وأيام التشريق، و في آخرها رسالة صغيرة في « أحاديث شهر الله المحرم » لا سيما ما ورد من الأحاديث في صيام عاشوراء، وما يتعلق به من أحكام.
المؤلف : عبد الله بن صالح الفوزان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2154
- صلاة الكسوف في ضوء الكتاب والسنةصلاة الكسوف في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنِّف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في: «صلاة الكسوف» وما يتعلق بها من أحكام، بيَّنت فيها بتوفيق الله تعالى: مفهوم الكسوف والخسوف، وأن ذلك من آيات الله التي يُخوِّف بهما عباده، وبيَّنت أسباب الكسوف الحسّيَّة والشرعيَّة، وفوائد الكسوف وحِكمه، وحُكم صلاة الكسوف، وآداب صلاة الكسوف: الواجبة والمستحبة، وصفة صلاة الكسوف، ووقتها، وأنها لا تُدرَك الركعة إلا بإدراك الركوع الأول، وذكرت خلاف العلماء في الصلاة للآيات، وقد قرنت كل مسألة بدليلها أو تعليلها على قدر الإمكان».
المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني
الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1943