خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107) (البقرة) mp3
يُرْشِد عِبَاده تَعَالَى بِهَذَا إِلَى أَنَّهُ الْمُتَصَرِّف فِي خَلْقه بِمَا يَشَاء فَلَهُ الْخَلْق وَالْأَمْر وَهُوَ الْمُتَصَرِّف فَكَمَا خَلَقَهُمْ كَمَا يَشَاء وَيُسْعِد مَنْ يَشَاء وَيُشْقِي مَنْ يَشَاء وَيُصِحّ مَنْ يَشَاء وَيُمْرِض مَنْ يَشَاء وَيُوَفِّق مَنْ يَشَاء وَيَخْذُل مَنْ يَشَاء كَذَلِكَ يَحْكُم فِي عِبَاده بِمَا يَشَاء فَيُحِلّ مَا يَشَاء وَيُحَرِّمُ مَا يَشَاء . وَيُبِيحُ مَا يَشَاء وَيَحْظُرُ مَا يَشَاء وَهُوَ الَّذِي يَحْكُم مَا يُرِيد لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ وَيَخْتَبِر عِبَاده وَطَاعَتهمْ لِرُسُلِهِ بِالنَّسْخِ فَيَأْمُر بِالشَّيْءِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَة الَّتِي يَعْلَمهَا تَعَالَى ثُمَّ يَنْهَى عَنْهُ لِمَا يَعْلَمهُ تَعَالَى فَالطَّاعَة كُلّ الطَّاعَة فِي اِمْتِثَال أَمْره وَاتِّبَاع رُسُله فِي تَصْدِيق مَا أَخْبَرُوا وَامْتِثَال مَا أَمَرُوا وَتَرْك مَا عَنْهُ زَجَرُوا وَفِي هَذَا الْمَقَام رَدٌّ عَظِيمٌ وَبَيَانٌ بَلِيغٌ لِكُفْرِ الْيَهُود وَتَزْيِيف شُبْهَتهمْ لَعَنَهُمْ اللَّه فِي دَعْوَى اِسْتِحَالَة النَّسْخ إِمَّا عَقْلًا كَمَا زَعَمَهُ بَعْضهمْ جَهْلًا وَكُفْرًا وَإِمَّا نَقْلًا كَمَا تَخَرَّصَهُ آخَرُونَ مِنْهُمْ اِفْتِرَاء وَإِفْكًا قَالَ الْإِمَام أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير رَحِمَهُ اللَّه : فَتَأْوِيلُ الْآيَة أَلَمْ تَعْلَم يَا مُحَمَّد أَنَّ لِي مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَسُلْطَانهمَا دُون غَيْرِي أَحْكُم فِيهِمَا وَفِيمَا فِيهِمَا بِمَا أَشَاء وَآمُر فِيهِمَا وَفِيمَا فِيهِمَا بِمَا أَشَاء وَأَنْهَى عَمَّا أَشَاء وَأَنْسَخ وَأُبَدِّل وَأُغَيِّر مِنْ أَحْكَامِي الَّتِي أَحْكُم بِهَا فِي عِبَادِي بِمَا أَشَاء إِذْ أَشَاء ثُمَّ قَالَ : وَهَذَا الْخَبَر وَإِنْ كَانَ خِطَابًا مِنْ اللَّه تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَجْه الْخَبَر عَنْ عَظَمَته فَإِنَّهُ مِنْهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَكْذِيب لِلْيَهُودِ الَّذِينَ أَنْكَرُوا نَسْخ أَحْكَام التَّوْرَاة وَجَحَدُوا نُبُوَّة عِيسَى وَمُحَمَّد عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام لِمَجِيئِهِمَا بِمَا جَاءَا بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه بِتَغَيُّرِ مَا غَيَّرَ اللَّهُ مِنْ حُكْم التَّوْرَاة فَأَخْبَرَهُمْ اللَّهُ أَنَّ لَهُ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَسُلْطَانهمَا وَأَنَّ الْخَلْق أَهْل مَمْلَكَته وَطَاعَته وَعَلَيْهِمْ السَّمْع وَالطَّاعَة لِأَمْرِهِ وَنَهْيه وَأَنَّ لَهُ أَمْرهمْ بِمَا يَشَاء وَنَهْيهمْ عَمَّا يَشَاء وَنَسْخ مَا يَشَاء وَإِقْرَار مَا يَشَاء وَإِنْشَاء مَا يَشَاء مِنْ إِقْرَاره وَأَمْره وَنَهْيه " قُلْت " الَّذِي يَحْمِل الْيَهُود عَلَى الْبَحْث فِي مَسْأَلَة النَّسْخ إِنَّمَا هُوَ الْكُفْر وَالْعِنَاد فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَقْل مَا يَدُلّ عَلَى اِمْتِنَاع النَّسْخ فِي أَحْكَام اللَّه تَعَالَى لِأَنَّهُ يَحْكُم مَا يَشَاء كَمَا أَنَّهُ يَفْعَل مَا يُرِيد مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي كُتُبه الْمُتَقَدِّمَة وَشَرَائِعه الْمَاضِيَة كَمَا أَحَلَّ لِآدَم تَزْوِيج بَنَاته مِنْ بَنِيهِ ثُمَّ حَرَّمَ ذَلِكَ وَكَمَا أَبَاحَ لِنُوحٍ بَعْد خُرُوجه مِنْ السَّفِينَة أَكْل جَمِيع الْحَيَوَانَات ثُمَّ نَسَخَ حِلّ بَعْضهَا وَكَانَ نِكَاح الْأُخْتَيْنِ مُبَاح لِإِسْرَائِيل وَبَنِيهِ وَقَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ فِي شَرِيعَة التَّوْرَاة وَمَا بَعْدهَا وَأَمَرَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام بِذَبْحِ وَلَده ثُمَّ نَسَخَهُ قَبْل الْفِعْل وَأَمَرَ جُمْهُور بَنِي إِسْرَائِيل بِقَتْلِ مَنْ عَبَدَ الْعِجْل مِنْهُمْ ثُمَّ رَفَعَ عَنْهُمْ الْقَتْل كَيْلَا يَسْتَأْصِلهُمْ الْقَتْلُ وَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِذَلِكَ وَيَصْدِفُونَ عَنْهُ وَمَا يُجَاب بِهِ عَنْ هَذِهِ الْأَدِلَّة بِأَجْوِبَةٍ لَفْظِيَّة فَلَا يَصْرِف الدَّلَالَة فِي الْمَعْنَى إِذْ هُوَ الْمَقْصُود وَكَمَا فِي كُتُبهمْ مَشْهُورًا مِنْ الْبِشَارَة بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْر بِاتِّبَاعِهِ فَإِنَّهُ يُفِيد وُجُوب مُتَابَعَته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأَنَّهُ لَا يَقْبَل عَمَل إِلَّا عَلَى شَرِيعَته وَسَوَاء قِيلَ إِنَّ الشَّرَائِع الْمُتَقَدِّمَة مُغَيَّاة إِلَى بِعْثَته عَلَيْهِ السَّلَام فَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ نَسْخًا لِقَوْلِهِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَام إِلَى اللَّيْل وَقِيلَ إِنَّهَا مُطْلَقَة وَإِنَّ شَرِيعَة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسَخَتْهَا فَعَلَى كُلّ تَقْدِير فَوُجُوب مُتَابَعَته مُتَعَيِّن لِأَنَّهُ جَاءَ بِكِتَابِ هُوَ آخِر الْكُتُب عَهْدًا بِاَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَفِي هَذَا الْمَقَام بَيَّنَ تَعَالَى جَوَاز النَّسْخ رَدًّا عَلَى الْيَهُود عَلَيْهِمْ لَعْنَة اللَّه حَيْثُ قَالَ تَعَالَى" أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه لَهُ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض " الْآيَة فَكَمَا أَنَّ لَهُ الْمُلْك بِلَا مُنَازِع فَكَذَلِكَ لَهُ الْحُكْم بِمَا يَشَاء أَلَا لَهُ الْخَلْق وَالْأَمْر وَقُرِئَ فِي سُورَة آل عِمْرَان الَّتِي نَزَلَ صَدْرهَا خِطَاب مَعَ أَهْل الْكِتَاب وُقُوع النَّسْخ فِي وَقَوْله تَعَالَى " كُلّ الطَّعَام كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيل إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيل عَلَى نَفْسه " الْآيَة كَمَا سَيَأْتِي تَفْسِيره وَالْمُسْلِمُونَ كُلّهمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى جَوَاز النَّسْخ فِي أَحْكَام اللَّه تَعَالَى لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَة الْبَالِغَة وَكُلّهمْ قَالَ بِوُقُوعِهِ وَقَالَ أَبُو مُسْلِم الْأَصْبَهَانِيّ الْمُفَسِّر : لَمْ يَقَع شَيْء مِنْ ذَلِكَ فِي الْقُرْآن وَقَوْله ضَعِيف مَرْدُود مَرْذُول وَقَدْ تَعَسَّفَ فِي الْأَجْوِبَة عَمَّا وَقَعَ مِنْ النَّسْخ فَمَنْ ذَلِكَ قَضِيَّة الْعِدَّة بِأَرْبَعَةِ أَشْهُر وَعَشْرًا بَعْد الْحَوْل لَمْ يُجِبْ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامٍ مَقْبُول وَقَضِيَّة تَحْوِيل الْقِبْلَة إِلَى الْكَعْبَة عَنْ بَيْت الْمَقْدِس لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ وَمِنْ ذَلِكَ نَسْخ مُصَابَرَة الْمُسْلِم لِعَشَرَةٍ مِنْ الْكَفَرَة إِلَى مُصَابَرَة الِاثْنَيْنِ وَمِنْ ذَلِكَ نَسْخ وُجُوب الصَّدَقَة قَبْل مُنَاجَاة الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْر ذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم .

كتب عشوائيه

  • الدرر البهية في المسائل الفقهية وعليه الغرر النقيةالدرر البهية في المسائل الفقهية وعليه الغرر النقية: تعليقات على متن الدرر البهية في المسائل الفقهية للإمام محمدُ بنُ عليٍّ الشوكانيِّ، المولودِ سنَةَ اثنتيَنِ وسَبعِيَن ومِائةٍ بعدَ الألفِ، المتوَفىَ سنَةَ خَمْسِيَن مِن القرنِ الثالثِ عشَرَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.

    المؤلف : فيصل بن عبد العزيز آل مبارك

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2650

    التحميل :

  • قراءة راشدة لكتاب نهج البلاغةقراءة راشدة لكتاب نهج البلاغة : يحتوي على بعض التعليقات على كتاب نهج البلاغة.

    المؤلف : عبد الرحمن بن عبد الله الجميعان

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/260216

    التحميل :

  • حديث: «مثل ما بعثني الله من الهدى والعلم» دراسة حديثية دعويةحديث: «مثل ما بعثني الله من الهدى والعلم» دراسة حديثية دعوية: في هذه الرسالة دراسة لهذا الحديث فهمًا، واستنباطًا للأحكام القيمة، والدروس النافعة بقدر المستطاع، ليكون دليلاً وهاديًا لكل مسلم، وبالأخص لكل داعيةٍ يريد سلوك صراط الله تعالى على فهمٍ وبصيرةٍ.

    المؤلف : فالح بن محمد الصغير

    الناشر : شبكة السنة النبوية وعلومها www.alssunnah.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/330178

    التحميل :

  • العالم العابد الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم [ حياته وسيرته ومؤلفاته ]العالم العابد الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم [ حياته وسيرته ومؤلفاته ] : رتبت هذه الرسالة على النحو الآتي: أولاً: عرض لمولده ونشأته. وثانيًا: رحلته في طلب العلم. وثالثًا: حياته العلمية. ورابعًا: حياته العملية وعرض لمؤلفاته مع مقتطفات للتعريف بها. وخامسًا: سجاياه وصفاته وعبادته. وسادسًا: محبة العلماء له. وسابعًا: فوائد من أقواله وكتبه. وثامنًا: وفاته ووصيته. وتاسعًا: ما قيل فيه شعرًا ونثرًا.

    المؤلف : عبد الملك القاسم

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/229632

    التحميل :

  • صحيح البخاريصحيح البخاري: تحتوي هذه الصفحة على نسخة وورد، و pdf، والكترونية مفهرسة من كتاب صحيح البخاري، مع ترجمته إلى عدة لغات عالمية، فصحيح البخاري كتاب نفيس روى فيه الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسماه « الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه ». • قال ابن كثير في البداية والنهاية: « وأجمع العلماء على قبوله - يعنى صحيح البخاري - وصحة ما فيه، وكذلك سائر أهل الإسلام ». • وقال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم: « اتفق العلماء - رحمهم الله - على أن أصح الكتب بعد الكتاب العزيز الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة، وقد صح أن مسلما كان ممن يستفيد من البخاري ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث ».

    المؤلف : محمد بن إسماعيل البخاري

    الناشر : موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net - موقع الموسوعة الشاملة www.islamport.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/72992

    التحميل :

اختر التفسير

اختر سوره

كتب عشوائيه

اختر اللغة

المشاركه

Bookmark and Share