القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الكهف
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) (الكهف) 

وَقَوْله " إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْض " أَيْ أَعْطَيْنَاهُ مُلْكًا عَظِيمًا مُمَكَّنًا فِيهِ مِنْ جَمِيع مَا يُؤْتَى الْمُلُوك مِنْ التَّمْكِين وَالْجُنُود وَآلَات الْحَرْب وَالْحِصَارَات وَلِهَذَا مَلَكَ الْمَشَارِق وَالْمَغَارِب مِنْ الْأَرْض وَدَانَتْ لَهُ الْبِلَاد وَخَضَعَتْ لَهُ مُلُوك الْعِبَاد وَخَدَمَتْهُ الْأُمَم مِنْ الْعَرَب وَالْعَجَم وَلِهَذَا ذَكَرَ بَعْضهمْ أَنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ لِأَنَّهُ بَلَغَ قَرْنَيْ الشَّمْس مَشْرِقهَا وَمَغْرِبهَا وَقَوْله " وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْء سَبَبًا " قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة وَالسُّدِّيّ وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَغَيْرهمْ يَعْنِي عِلْمًا وَقَالَ قَتَادَة أَيْضًا فِي قَوْله " وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْء سَبَبًا " قَالَ : مَنَازِل الْأَرْض وَأَعْلَامهَا وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ فِي قَوْله " وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْء سَبَبًا " قَالَ تَعْلِيم الْأَلْسِنَة قَالَ كَانَ لَا يَغْزُو قَوْمًا إِلَّا كَلَّمَهُمْ بِلِسَانِهِمْ وَقَالَ اِبْن لَهِيعَة : حَدَّثَنِي سَالِم بْن غَيْلَان عَنْ سَعِيد بْن أَبِي هِلَال أَنَّ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان قَالَ لِكَعْبِ الْأَحْبَار : أَنْتَ تَقُول إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ يَرْبِط خَيْله بِالثُّرَيَّا ؟ فَقَالَ لَهُ كَعْب إِنْ كُنْت قُلْت ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّه قَالَ " وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْء سَبَبًا " وَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَلَى كَعْب الْأَحْبَار هُوَ الصَّوَاب وَالْحَقّ مَعَ مُعَاوِيَة فِي ذَلِكَ الْإِنْكَار فَإِنَّ مُعَاوِيَة كَانَ يَقُول عَنْ كَعْب : إِنْ كُنَّا لَنَبْلُو عَلَيْهِ الْكَذِب يَعْنِي فِيمَا يَنْقُلهُ لَا أَنَّهُ كَانَ يَتَعَمَّد نَقْل مَا لَيْسَ فِي صُحُفه وَلَكِنَّ الشَّأْن فِي صُحُفه أَنَّهَا مِنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات الَّتِي غَالِبهَا مُبَدَّل مُصَحَّف مُحَرَّف مُخْتَلَق وَلَا حَاجَة لَنَا مَعَ خَبَر اللَّه تَعَالَى وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَيْء مِنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّهُ دَخَلَ مِنْهَا عَلَى النَّاس شَرّ كَثِير وَفَسَاد عَرِيض. وَتَأْوِيل كَعْب قَوْل اللَّه " وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْء سَبَبًا " وَاسْتِشْهَاده فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَجِدهُ فِي صُحُفه مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَرْبِط خَيْله بِالثُّرَيَّا غَيْر صَحِيح وَلَا مُطَابِق فَإِنَّهُ لَا سَبِيل لِلْبَشَرِ إِلَى شَيْء مِنْ ذَلِكَ وَلَا إِلَى التَّرَقِّي فِي أَسْبَاب السَّمَاوَات وَقَدْ قَالَ اللَّه فِي حَقّ بِلْقِيس " وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء " أَيْ مِمَّا يُؤْتَى مِثْلهَا مِنْ الْمُلُوك وَهَكَذَا ذُو الْقَرْنَيْنِ يَسَّرَ اللَّه لَهُ الْأَسْبَاب أَيْ الطُّرُق وَالْوَسَائِل إِلَى فَتْح الْأَقَالِيم وَالرَّسَاتِيق وَالْبِلَاد وَالْأَرَاضِي وَكَسْر الْأَعْدَاء وَكَبْت مُلُوك الْأَرْض وَإِذْلَال أَهْل الشِّرْك قَدْ أُوتِيَ مِنْ كُلّ شَيْء مِمَّا يَحْتَاج إِلَيْهِ مِثْله سَبَبًا وَاَللَّه أَعْلَم . وَفِي الْمُخْتَارَة لِلْحَافِظِ الضِّيَاء الْمَقْدِسِيّ مِنْ طَرِيق قُتَيْبَة عَنْ أَبِي عَوَانَة عَنْ سِمَاك بْن حَرْب عَنْ حَبِيب بْن حَمَّاد قَالَ : كُنْت عِنْد عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَسَأَلَهُ رَجُل عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ كَيْف بَلَغَ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ؟ فَقَالَ سُبْحَان اللَّه سَخَّرَ لَهُ السَّحَاب وَقَدَّرَ لَهُ الْأَسْبَاب وَبَسَطَ لَهُ الْيَد .
كتب عشوائيه
- كيف تحفظ القرآن الكريم؟كيف تحفظ القرآن الكريم؟ رسالة لطيفة تشتمل على خلاصة تجارب للمتخصصين في القرآن، حفظاً وتجويداً وتطبيقاً، على من يريدون حفظ كتاب الله، بالإضافة إلى اشتمالها على موضوعات مهمة، كفضل تعلم القرآن وتعليمه، وشيئاً من آداب تلاوة القرآن القلبية والظاهرية، والتي كون العمل بها له أثر بإذن الله في خشوع القلب وخضوعه لله وتدبر كتابه والتفكر في معانيه.
المؤلف : محمد بن علي العرفج
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/66617
- الحج المبرورالحج المبرور : كتاب للشيخ أبي بكر الجزائري - أثابه الله - يتحدث فيه عن مناسك الحج، وآداب زيارة المسجد النبوي الشريف، وهو يحتوي على شتى مسائل مناسك الحج، ويشتمل على الكثير من الآداب والفضائل.
المؤلف : أبو بكر جابر الجزائري
الناشر : مكتبة العلوم والحكم للنشر والتوزيع بالمدينة المنورة
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/250747
- الإمام الألباني دروس ومواقف وعبرالإمام الألباني دروس ومواقف وعبر : الرحلة في طلب العلم رحلة مليئة بالذكريات والمواقف، تبتدئ من المحبرة وتنتهي في المقبرة، يُستقى فيها من معين الكتاب والسنة علوم شتى، ولما كان طلاب العلم يتشوقون إلى معرفة سير علمائهم؛ فقد حرصنا على توفير بعض المواد التي ترجمت لهم، ومنها كتاب الإمام الألباني دروس ومواقف وعبر، للشيخ عبد العزيز السدحان.
المؤلف : عبد العزيز بن محمد السدحان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/307934
- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن بازمجموع فتاوى ومقالات متنوعة : مجموعة من الكتب التي جمعت مما قال وصنف وأملى وأفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس إدارات البحوث والإفتاء فيها، قام بجمعها الشيخ محمد بن سعد الشويعر - أثابه الله -.
المؤلف : عبد العزيز بن عبد الله بن باز
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/179315
- عقيدة التوحيدعقيدة التوحيد: كتاب في علم التوحيد، وقد راعى فيه المؤلف الاختصار مع سهولة العبارة، ومما لا شك فيه أن علم العقيدة الإسلامية هو العلم الأساسي الذي تجدر العناية به تعلمًا وتعليمًا وعملاً بموجبه؛ لتكون الأعمال صحيحة مقبولة عند الله - سبحانه وتعالى - نافعة للعاملين.
المؤلف : صالح بن فوزان الفوزان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/2071