القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الكوثر
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) (الكوثر) 

أَيْ كَمَا أَعْطَيْنَاك الْخَيْر الْكَثِير فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمِنْ ذَلِكَ النَّهَر الَّذِي تَقَدَّمَ صِفَته فَأَخْلِصْ لِرَبِّك صَلَاتك الْمَكْتُوبَة وَالنَّافِلَة وَنَحْرك فَاعْبُدْهُ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَانْحَرْ عَلَى اِسْمه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى " قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيك لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّل الْمُسْلِمِينَ " . قَالَ اِبْن عَبَّاس وَعَطَاء وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن يَعْنِي بِذَلِكَ نَحْر الْبَدَن وَنَحْوهَا وَكَذَا قَالَ قَتَادَة وَمُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَالضَّحَّاك وَالرَّبِيع وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَالْحَكَم وَسَعِيد بْن أَبِي خَالِد وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف وَهَذَا بِخِلَافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ السُّجُود لِغَيْرِ اللَّه وَالذَّبْح عَلَى اِسْمه كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَر اِسْم اللَّه عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْق " الْآيَة وَقِيلَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ وَانْحَرْ وَضْع الْيَد الْيُمْنَى عَلَى الْيَد الْيُسْرَى تَحْت النَّحْر يُرْوَى هَذَا عَنْ عَلِيّ وَلَا يَصِحّ وَعَنْ الشَّعْبِيّ مِثْله وَعَنْ أَبِي جَعْفَر الْبَاقِر " وَانْحَرْ " يَعْنِي رَفْع الْيَدَيْنِ عِنْد اِفْتِتَاح الصَّلَاة وَقِيلَ " وَانْحَرْ " أَيْ اِسْتَقْبِلْ بِنَحْرِك الْقِبْلَة . وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَال الثَّلَاثَة اِبْن جَرِير. وَقَدْ رَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم هَهُنَا حَدِيث مُنْكَرًا جِدًّا فَقَالَ حَدَّثَنَا وَهْب بْن إِبْرَاهِيم الْقَاضِي سَنَة خَمْس وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيل بْن حَاتِم الْمَرْوَزِيّ حَدَّثَنَا مُقَاتِل بْن حَيَّان عَنْ الْأَصْبَغ بْن نُبَاتَة عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّا أَعْطَيْنَاك الْكَوْثَر فَصَلِّ لِرَبِّك وَانْحَرْ " قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا جِبْرِيل مَا هَذِهِ النَّحِيرَة الَّتِي أَمَرَنِي بِهَا رَبِّي ؟ فَقَالَ لَيْسَتْ بِنَحِيرَةٍ وَلَكِنَّهُ يَأْمُرك إِذَا تَحَرَّمْت لِلصَّلَاةِ اِرْفَعْ يَدَيْك إِذَا كَبَّرْت وَإِذَا رَكَعْت وَإِذَا رَفَعْت رَأْسك مِنْ الرُّكُوع وَإِذَا سَجَدْت فَإِنَّهَا صَلَاتنَا وَصَلَاة الْمَلَائِكَة الَّذِينَ فِي السَّمَوَات السَّبْع وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْء زِينَة وَزِينَة الصَّلَاة رَفْع الْيَدَيْنِ عِنْد كُلّ تَكْبِيرَة " وَهَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك مِنْ حَدِيث إِسْرَائِيل بْن حَاتِم بِهِ وَعَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ " وَانْحَرْ" أَيْ اِرْفَعْ صُلْبك بَعْد الرُّكُوع وَاعْتَدِلْ وَابْرُزْ نَحْرك يَعْنِي بِهِ الِاعْتِدَال رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَكُلّ هَذِهِ الْأَقْوَال غَرِيبَة جِدًّا . وَالصَّحِيح الْقَوْل الْأَوَّل أَنَّ الْمُرَاد بِالنَّحْرِ ذَبْح الْمَنَاسِك وَلِهَذَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعِيد ثُمَّ يَنْحَر نُسُكه وَيَقُول " مَنْ صَلَّى صَلَاتنَا وَنَسَكَ نُسُكنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُك وَمَنْ نَسَكَ قَبْل الصَّلَاة فَلَا نُسُك لَهُ " فَقَامَ أَبُو بُرْدَة بْن نِيَار فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنِّي نَسَكْت شَاتِي قَبْل الصَّلَاة وَعَرَفْت أَنَّ الْيَوْم يَوْم يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْم قَالَ " شَاتك شَاة لَحْم " قَالَ فَإِنَّ عِنْدِي عَنَاقًا هِيَ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْنِ أَفَتُجْزِئ عَنِّي ؟ قَالَ " تُجْزِئك وَلَا تُجْزِئ أَحَدًا بَعْدك " قَالَ أَبُو جَعْفَر اِبْن جَرِير وَالصَّوَاب قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ فَاجْعَلْ صَلَاتك كُلّهَا لِرَبِّك خَالِصًا دُون مَا سِوَاهُ مِنْ الْأَنْدَاد وَالْآلِهَة وَكَذَلِكَ نَحْرك اِجْعَلْهُ لَهُ دُون الْأَوْثَان شُكْرًا لَهُ عَلَى مَا أَعْطَاك مِنْ الْكَرَامَة وَالْخَيْر الَّذِي لَا كِفَاء لَهُ وَخَصَّك بِهِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي غَايَة الْحُسْن وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَعَطَاء .
كتب عشوائيه
- الكذبالكذب: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من سبر أحوال غالب الناس اليوم ، وجد بضاعتهم في الحديث «الكذب»، وهم يرون أن هذا من الذكاء والدهاء وحسن الصنيع، بل ومن مميزات الشخصية المقتدرة. ولقد نتج عن هذا الأمر عدم الثقة بالناس حتى إن البعض لا يثق بأقرب الناس إليه، لأن الكذب ديدنه ومغالطة الأمور طريقته. وهذا الكتيب هو الثالث من «رسائل التوبة» يتحدث عن الكذب: أدلة تحريمه، وأسبابه، وعلاجه. وفيه مباحث لطيفة».
المؤلف : عبد الملك القاسم
الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/345925
- إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيدإبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد : يعتبر كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - من عُمَدِ كتب الاعتقاد في باب توحيد الإلهية في عصره وما بعده إلى عصرنا الحديث, حيث لقي رواجاً وقبولاً كبيراً, وانتفع به مالا يحصيه إلا الله كثرة في العالم أجمع, ومازال العلماء له شارحين ومبينين ومعلمين. وقد كان من بين أفضل شروحه, شرح حفيد المؤلف سليمان بن عبد الله له, إلا إنه لم يتم في كتابه الشهير بـ "تيسير العزيز الحميد " وفي هذا الكتاب الذي بين أيدينا "إبطال التنديد" قام المؤلف - يرحمه الله - بالتعليق على كتاب التوحيد, مكثراً في نقولاته, وعزوه من شرح حفيد المؤلف المذكور قريباً، مع بعض الزيادات. وقد انتهى الشيخ حمد بن عتيق من تأليف هذا الكتاب في اليوم السابع من شهر شوال سنة 1255هـ.
المؤلف : حمد بن علي بن عتيق
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/291873
- خطب ومواعظ من حجة الوداعخطب ومواعظ من حجة الوداع: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومواعظه في حجَّته التي ودَّع فيها المسلمين ذاتُ شأنٍ عظيمٍ ومكانةٍ سامية، قرَّر فيها - عليه الصلاة والسلام - قواعد الإسلام، ومجامع الخير، ومكارم الأخلاق .. وفي هذا الكُتيِّب جمعٌ لطائفةٍ نافعةٍ وجملةٍ مُباركةٍ ونُخبةٍ طيبةٍ من خُطب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومواعظه في حَجَّة الوداع، مع شيءٍ من البيان لدلالاتها والتوضيح لمراميها وغايتها، مما أرجو أن يكون زادًا للوُعَّاظ، وذخيرةً للمُذكِّرين، وبُلغةً للناصحين، مع الاعتراف بالقصور والتقصير، وقد جعلتُها في ثلاثة عشر درسًا متناسبةً في أحجامها ليتسنَّى بيُسر إلقاؤها على الحُجَّاج أيام الحج على شكل دروس يومية».
المؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر
الناشر : موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/344679
- دين الحقدين الحق: قال المصنف: «اعلم أيها الإنسان العاقل، أنه لا نجاة ولا سعادة لك في هذه الحياة، وفي الحياة الآخرة بعد الممات إلا إذا عرفت ربك الذي خلقك، وآمنت به وعبدته وحده، وعرفت نبيك الذي بعثه ربك إليك، وإلى جميع الناس، فآمنت به واتبعته، وعرفت دين الحق الذي أمرك به ربك، وآمنت به، وعملت به. وهذا الكتاب الذي بين يديك "دين الحق" فيه البيان لهذه الأمور العظيمة، التي يجب عليك معرفتها والعمل بها، وقد ذكرت في الحاشية ما تحتاج إليه بعض الكلمات والمسائل من زيادة إيضاح، معتمدًا في ذلك كله على كلام الله - تعالى - وأحاديث رسوله - عليه الصلاة والسلام -؛ لأنهما المرجع الوحيد لدين الحق الذي لا يقبل الله من أحد دينًا سواه. وقد تركت التقليد الأعمى الذي أضلّ كثيرًا من الناس، بل وذكرت جملة من الطوائف الضالة التي تدّعي أنها على الحق، وهي بعيدة عنه، لكي يحذرها الجاهلون بحالها من المنتمين إليها، وغيرهم. والله حسبي ونعم الوكيل».
المؤلف : عبد الرحمن بن حماد آل عمر
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1917
- حجز المكان في المسجدحجز المكان في المسجد : من المسائل المتعلِّقة بالمساجد التي كثر كلام أهل العلم فيها وشدَّدوا في النهي عنها، وبيَّنوا ما يترتّب عليها من المساوئ: مسألة «حجز المكان في المسجد»؛ فهذه المسألة أصبحت مألوفةً في كثير من المساجد، وبخاصة في الحرمين والمساجد التي يقصدها المصلّون لحُسن تلاوة أئمّتها، أو للصلاة على الجنائز فيها، وفي هذه الرسالة بيان بعض ما ذكره أهل العلم في مسألة حجز المكان في المسجد.
المؤلف : عبد العزيز بن محمد السدحان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/233605