القرآن الكريم للجميع » تفسير القرطبي » سورة الحجرات
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) (الحجرات) 

قَالَ الْعُلَمَاء : كَانَ فِي الْعَرَبِيّ جَفَاء وَسُوء أَدَب فِي خِطَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَلْقِيب النَّاس . فَالسُّورَة فِي الْأَمْر بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاق وَرِعَايَة الْآدَاب . وَقَرَأَ الضَّحَّاك وَيَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ : " لَا تَقَدَّمُوا " بِفَتْحِ التَّاء وَالدَّال مِنْ التَّقَدُّم . الْبَاقُونَ " تُقَدِّمُوا " بِضَمِّ التَّاء وَكَسْر الدَّال مِنْ التَّقْدِيم . وَمَعْنَاهُمَا ظَاهِر , أَيْ لَا تُقَدِّمُوا قَوْلًا وَلَا فِعْلًا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَقَوْل رَسُوله وَفِعْله فِيمَا سَبِيله أَنْ تَأْخُذُوهُ عَنْهُ مِنْ أَمْر الدِّين وَالدُّنْيَا . وَمَنْ قَدَّمَ قَوْله أَوْ فِعْله عَلَى الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ قَدَّمَهُ عَلَى اللَّه تَعَالَى لِأَنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَأْمُر عَنْ أَمْر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ .
وَاخْتُلِفَ فِي سَبَب نُزُولهَا عَلَى أَقْوَال سِتَّة :
الْأَوَّل : مَا ذَكَرَهُ الْوَاحِدِيّ مِنْ حَدِيث اِبْن جُرَيْج قَالَ : حَدَّثَنِي اِبْن أَبِي مُلَيْكَة أَنَّ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ رَكْب مِنْ بَنِي تَمِيم عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ أَبُو بَكْر : أَمِّرْ الْقَعْقَاع بْن مَعْبَد . وَقَالَ عُمَر : أَمِّرْ الْأَقْرَع بْن حَابِس . فَقَالَ أَبُو بَكْر : مَا أَرَدْت إِلَّا خِلَافِي . وَقَالَ عُمَر : مَا أَرَدْت خِلَافك . فَتَمَادَيَا حَتَّى اِرْتَفَعَتْ أَصْوَاتهمَا , فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ : " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله - إِلَى قَوْله - وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُج إِلَيْهِمْ " . رَوَاهُ الْبُخَارِيّ عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح , ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ أَيْضًا .
الثَّانِي : مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَسْتَخْلِف عَلَى الْمَدِينَة رَجُلًا إِذَا مَضَى إِلَى خَيْبَر , فَأَشَارَ عَلَيْهِ عُمَر بِرَجُلٍ آخَر , فَنَزَلَ : " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله " . ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ أَيْضًا .
الثَّالِث : مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْفَذَ أَرْبَعَة وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابه إِلَى بَنِي عَامِر فَقَتَلُوهُمْ , إِلَّا ثَلَاثَة تَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَسَلِمُوا وَانْكَفَئُوا إِلَى الْمَدِينَة , فَلَقَوْا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سُلَيْم فَسَأَلُوهُمَا عَنْ نَسَبهمَا فَقَالَا : مِنْ بَنِي عَامِر لِأَنَّهُمْ أَعَزّ مِنْ بَنِي سُلَيْم فَقَتَلُوهُمَا , فَجَاءَ نَفَر مِنْ بَنِي سُلَيْم إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى فَقَالُوا : إِنَّ بَيْننَا وَبَيْنك عَهْدًا , وَقَدْ قُتِلَ مِنَّا رَجُلَانِ , فَوَدَاهُمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِائَةِ بَعِير , وَنَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة فِي قَتْلهمْ الرَّجُلَيْنِ .
وَقَالَ قَتَادَة : إِنَّ نَاسًا كَانُوا يَقُولُونَ لَوْ أُنْزِلَ فِيَّ كَذَا , لَوْ أُنْزِلَ فِيَّ كَذَا ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة .
اِبْن عَبَّاس : نُهُوا أَنْ يَتَكَلَّمُوا بَيْن يَدَيْ كَلَامه .
مُجَاهِد : لَا تَفْتَاتُوا عَلَى اللَّه وَرَسُوله حَتَّى يَقْضِي اللَّه عَلَى لِسَان رَسُوله , ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ أَيْضًا .
الْحَسَن : نَزَلَتْ فِي قَوْم ذَبَحُوا قَبْل أَنْ يُصَلِّي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا الذَّبْح .
اِبْن جُرَيْج : لَا تُقَدِّمُوا أَعْمَال الطَّاعَات قَبْل وَقْتهَا الَّذِي أَمَرَ اللَّه تَعَالَى بِهِ وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قُلْت : هَذِهِ الْأَقْوَال الْخَمْسَة الْمُتَأَخِّرَة ذَكَرَهَا الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ , وَسَرَدَهَا قَبْله الْمَاوَرْدِيّ .
قَالَ الْقَاضِي : وَهِيَ كُلّهَا صَحِيحَة تَدْخُل تَحْت الْعُمُوم , فَاَللَّه أَعْلَم مَا كَانَ السَّبَب الْمُثِير لِلْآيَةِ مِنْهَا , وَلَعَلَّهَا نَزَلَتْ دُون سَبَب , وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْقَاضِي : إِذَا قُلْنَا إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَقْدِيم الطَّاعَات عَلَى أَوْقَاتهَا فَهُوَ صَحِيح ; لِأَنَّ كُلّ عِبَادَة مُؤَقَّتَة بِمِيقَاتٍ لَا يَجُوز تَقْدِيمهَا عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَالْحَجّ , وَذَلِكَ بَيِّن . إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاء اِخْتَلَفُوا فِي الزَّكَاة , لَمَّا كَانَتْ عِبَادَة مَالِيَّة وَكَانَتْ مَطْلُوبَة لِمَعْنًى مَفْهُوم , وَهُوَ سَدّ خَلَّة الْفَقِير ; وَلِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَعْجَلَ مِنْ الْعَبَّاس صَدَقَة عَامَيْنِ , وَلِمَا جَاءَ مِنْ جَمْع صَدَقَة الْفِطْر قَبْل يَوْم الْفِطْر حَتَّى تُعْطَى لِمُسْتَحِقِّيهَا يَوْم الْوُجُوب وَهُوَ يَوْم الْفِطْر , فَاقْتَضَى ذَلِكَ كُلّه جَوَاز تَقْدِيمهَا الْعَام وَالِاثْنَيْنِ . فَإِنْ جَاءَ رَأْس الْعَام وَالنِّصَاب بِحَالِهِ وَقَعَتْ مَوْقِعهَا . وَإِنْ جَاءَ رَأْس الْعَام وَقَدْ تَغَيَّرَ النِّصَاب تَبَيَّنَ أَنَّهَا صَدَقَة تَطَوُّع . وَقَالَ أَشْهَب : لَا يَجُوز تَقْدِيمهَا عَلَى الْحَوْل لَحْظَة كَالصَّلَاةِ , وَكَأَنَّهُ طَرَدَ الْأَصْل فِي الْعِبَادَات فَرَأَى أَنَّهَا إِحْدَى دَعَائِم الْإِسْلَام فَوَفَّاهَا حَقّهَا فِي النِّظَام وَحُسْن التَّرْتِيب . وَرَأَى سَائِر عُلَمَائِنَا أَنَّ التَّقْدِيم الْيَسِير فِيهَا جَائِز ; لِأَنَّهُ مَعْفُوّ عَنْهُ فِي الشَّرْع بِخِلَافِ الْكَثِير . وَمَا قَالَهُ أَشْهَب أَصَحّ , فَإِنَّ مُفَارَقَة الْيَسِير الْكَثِير فِي أُصُول الشَّرِيعَة صَحِيح وَلَكِنَّهُ لِمَعَانٍ تَخْتَصّ بِالْيَسِيرِ دُون الْكَثِير . فَأَمَّا فِي مَسْأَلَتنَا فَالْيَوْم فِيهِ كَالشَّهْرِ , وَالشَّهْر كَالسَّنَةِ . فَإِمَّا تَقْدِيم كُلِّيّ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ , وَإِمَّا حِفْظ الْعِبَادَة عَلَى مِيقَاتهَا كَمَا قَالَ أَشْهَب .
قَوْله تَعَالَى : " لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه " أَصْل فِي تَرْك التَّعَرُّض لِأَقْوَالِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِيجَاب اِتِّبَاعه وَالِاقْتِدَاء بِهِ , وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضه : ( مُرُوا أَبَا بَكْر فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ) . فَقَالَتْ عَائِشَة لِحَفْصَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْر رَجُل أَسِيف وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامك لَا يُسْمِع النَّاس مِنْ الْبُكَاء , فَمُرْ عُمَر فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ . فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِب يُوسُف . مُرُوا أَبَا بَكْر فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ) . فَمَعْنَى قَوْله ( صَوَاحِب يُوسُف ) الْفِتْنَة بِالرَّدِّ عَنْ الْجَائِز إِلَى غَيْر الْجَائِز . وَرُبَّمَا اِحْتَجَّ بُغَاةُ الْقِيَاس بِهَذِهِ الْآيَة . وَهُوَ بَاطِل مِنْهُمْ , فَإِنَّ مَا قَامَتْ دَلَالَته فَلَيْسَ فِي فِعْله تَقْدِيم بَيْن يَدَيْهِ . وَقَدْ قَامَتْ دَلَالَة الْكِتَاب وَالسُّنَّة عَلَى وُجُوب الْقَوْل بِالْقِيَاسِ فِي فُرُوع الشَّرْع , فَلَيْسَ إِذًا تَقَدُّم بَيْن يَدَيْهِ .
يَعْنِي فِي التَّقَدُّم الْمَنْهِيّ عَنْهُ .
لِقَوْلِكُمْ
بِفِعْلِكُمْ .
وَاخْتُلِفَ فِي سَبَب نُزُولهَا عَلَى أَقْوَال سِتَّة :
الْأَوَّل : مَا ذَكَرَهُ الْوَاحِدِيّ مِنْ حَدِيث اِبْن جُرَيْج قَالَ : حَدَّثَنِي اِبْن أَبِي مُلَيْكَة أَنَّ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ رَكْب مِنْ بَنِي تَمِيم عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ أَبُو بَكْر : أَمِّرْ الْقَعْقَاع بْن مَعْبَد . وَقَالَ عُمَر : أَمِّرْ الْأَقْرَع بْن حَابِس . فَقَالَ أَبُو بَكْر : مَا أَرَدْت إِلَّا خِلَافِي . وَقَالَ عُمَر : مَا أَرَدْت خِلَافك . فَتَمَادَيَا حَتَّى اِرْتَفَعَتْ أَصْوَاتهمَا , فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ : " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله - إِلَى قَوْله - وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُج إِلَيْهِمْ " . رَوَاهُ الْبُخَارِيّ عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح , ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ أَيْضًا .
الثَّانِي : مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَسْتَخْلِف عَلَى الْمَدِينَة رَجُلًا إِذَا مَضَى إِلَى خَيْبَر , فَأَشَارَ عَلَيْهِ عُمَر بِرَجُلٍ آخَر , فَنَزَلَ : " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله " . ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ أَيْضًا .
الثَّالِث : مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْفَذَ أَرْبَعَة وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابه إِلَى بَنِي عَامِر فَقَتَلُوهُمْ , إِلَّا ثَلَاثَة تَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَسَلِمُوا وَانْكَفَئُوا إِلَى الْمَدِينَة , فَلَقَوْا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سُلَيْم فَسَأَلُوهُمَا عَنْ نَسَبهمَا فَقَالَا : مِنْ بَنِي عَامِر لِأَنَّهُمْ أَعَزّ مِنْ بَنِي سُلَيْم فَقَتَلُوهُمَا , فَجَاءَ نَفَر مِنْ بَنِي سُلَيْم إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى فَقَالُوا : إِنَّ بَيْننَا وَبَيْنك عَهْدًا , وَقَدْ قُتِلَ مِنَّا رَجُلَانِ , فَوَدَاهُمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِائَةِ بَعِير , وَنَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة فِي قَتْلهمْ الرَّجُلَيْنِ .
وَقَالَ قَتَادَة : إِنَّ نَاسًا كَانُوا يَقُولُونَ لَوْ أُنْزِلَ فِيَّ كَذَا , لَوْ أُنْزِلَ فِيَّ كَذَا ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة .
اِبْن عَبَّاس : نُهُوا أَنْ يَتَكَلَّمُوا بَيْن يَدَيْ كَلَامه .
مُجَاهِد : لَا تَفْتَاتُوا عَلَى اللَّه وَرَسُوله حَتَّى يَقْضِي اللَّه عَلَى لِسَان رَسُوله , ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ أَيْضًا .
الْحَسَن : نَزَلَتْ فِي قَوْم ذَبَحُوا قَبْل أَنْ يُصَلِّي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا الذَّبْح .
اِبْن جُرَيْج : لَا تُقَدِّمُوا أَعْمَال الطَّاعَات قَبْل وَقْتهَا الَّذِي أَمَرَ اللَّه تَعَالَى بِهِ وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قُلْت : هَذِهِ الْأَقْوَال الْخَمْسَة الْمُتَأَخِّرَة ذَكَرَهَا الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ , وَسَرَدَهَا قَبْله الْمَاوَرْدِيّ .
قَالَ الْقَاضِي : وَهِيَ كُلّهَا صَحِيحَة تَدْخُل تَحْت الْعُمُوم , فَاَللَّه أَعْلَم مَا كَانَ السَّبَب الْمُثِير لِلْآيَةِ مِنْهَا , وَلَعَلَّهَا نَزَلَتْ دُون سَبَب , وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْقَاضِي : إِذَا قُلْنَا إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَقْدِيم الطَّاعَات عَلَى أَوْقَاتهَا فَهُوَ صَحِيح ; لِأَنَّ كُلّ عِبَادَة مُؤَقَّتَة بِمِيقَاتٍ لَا يَجُوز تَقْدِيمهَا عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَالْحَجّ , وَذَلِكَ بَيِّن . إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاء اِخْتَلَفُوا فِي الزَّكَاة , لَمَّا كَانَتْ عِبَادَة مَالِيَّة وَكَانَتْ مَطْلُوبَة لِمَعْنًى مَفْهُوم , وَهُوَ سَدّ خَلَّة الْفَقِير ; وَلِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَعْجَلَ مِنْ الْعَبَّاس صَدَقَة عَامَيْنِ , وَلِمَا جَاءَ مِنْ جَمْع صَدَقَة الْفِطْر قَبْل يَوْم الْفِطْر حَتَّى تُعْطَى لِمُسْتَحِقِّيهَا يَوْم الْوُجُوب وَهُوَ يَوْم الْفِطْر , فَاقْتَضَى ذَلِكَ كُلّه جَوَاز تَقْدِيمهَا الْعَام وَالِاثْنَيْنِ . فَإِنْ جَاءَ رَأْس الْعَام وَالنِّصَاب بِحَالِهِ وَقَعَتْ مَوْقِعهَا . وَإِنْ جَاءَ رَأْس الْعَام وَقَدْ تَغَيَّرَ النِّصَاب تَبَيَّنَ أَنَّهَا صَدَقَة تَطَوُّع . وَقَالَ أَشْهَب : لَا يَجُوز تَقْدِيمهَا عَلَى الْحَوْل لَحْظَة كَالصَّلَاةِ , وَكَأَنَّهُ طَرَدَ الْأَصْل فِي الْعِبَادَات فَرَأَى أَنَّهَا إِحْدَى دَعَائِم الْإِسْلَام فَوَفَّاهَا حَقّهَا فِي النِّظَام وَحُسْن التَّرْتِيب . وَرَأَى سَائِر عُلَمَائِنَا أَنَّ التَّقْدِيم الْيَسِير فِيهَا جَائِز ; لِأَنَّهُ مَعْفُوّ عَنْهُ فِي الشَّرْع بِخِلَافِ الْكَثِير . وَمَا قَالَهُ أَشْهَب أَصَحّ , فَإِنَّ مُفَارَقَة الْيَسِير الْكَثِير فِي أُصُول الشَّرِيعَة صَحِيح وَلَكِنَّهُ لِمَعَانٍ تَخْتَصّ بِالْيَسِيرِ دُون الْكَثِير . فَأَمَّا فِي مَسْأَلَتنَا فَالْيَوْم فِيهِ كَالشَّهْرِ , وَالشَّهْر كَالسَّنَةِ . فَإِمَّا تَقْدِيم كُلِّيّ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ , وَإِمَّا حِفْظ الْعِبَادَة عَلَى مِيقَاتهَا كَمَا قَالَ أَشْهَب .
قَوْله تَعَالَى : " لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه " أَصْل فِي تَرْك التَّعَرُّض لِأَقْوَالِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِيجَاب اِتِّبَاعه وَالِاقْتِدَاء بِهِ , وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضه : ( مُرُوا أَبَا بَكْر فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ) . فَقَالَتْ عَائِشَة لِحَفْصَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْر رَجُل أَسِيف وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامك لَا يُسْمِع النَّاس مِنْ الْبُكَاء , فَمُرْ عُمَر فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ . فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِب يُوسُف . مُرُوا أَبَا بَكْر فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ) . فَمَعْنَى قَوْله ( صَوَاحِب يُوسُف ) الْفِتْنَة بِالرَّدِّ عَنْ الْجَائِز إِلَى غَيْر الْجَائِز . وَرُبَّمَا اِحْتَجَّ بُغَاةُ الْقِيَاس بِهَذِهِ الْآيَة . وَهُوَ بَاطِل مِنْهُمْ , فَإِنَّ مَا قَامَتْ دَلَالَته فَلَيْسَ فِي فِعْله تَقْدِيم بَيْن يَدَيْهِ . وَقَدْ قَامَتْ دَلَالَة الْكِتَاب وَالسُّنَّة عَلَى وُجُوب الْقَوْل بِالْقِيَاسِ فِي فُرُوع الشَّرْع , فَلَيْسَ إِذًا تَقَدُّم بَيْن يَدَيْهِ .
يَعْنِي فِي التَّقَدُّم الْمَنْهِيّ عَنْهُ .
لِقَوْلِكُمْ
بِفِعْلِكُمْ .
كتب عشوائيه
- تحليل نقدي لطائفة منكري السنةتحليل نقدي لطائفة منكري السنة: كتابٌ يحتوي على بيان ضلالات مُنكري السنة وافتراءاتهم الكاذبة حول الإسلام والقرآن الكريم وجهلهم بالسنة، وحثَّ المسلمين على اجتنابهم والتحذير من هذه الفرقة، مع بيان وجوب التمسك بالقرآن والسنة وفق فهم السلف الصالح.
المؤلف : Sajid Abdul Qayyum
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : A website Quran and Sunnah : http://www.qsep.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/371002
- هل عيسى عليه السلام إله؟ الإنجيل يجيب: لاهل عيسى عليه السلام إله؟: هذا الكتاب يُثبتُ من الكتاب المقدس أن المسيح عيسى بن مريم - عليه السلام - ليس إلهًا، وإنما هو عبد الله ورسوله.
المؤلف : Shabbir Ally
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : A website Islamic Library www.islamicbook.ws
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/311651
- عيسى الحقيقي وعيسى المزيف في العهد الجديدعيسى الحقيقي وعيسى المزيف في العهد الجديد: كتاب جديد ومهم يتناول صورة عيسى الحقيقية والمزيفة بالإنجيل من تأليف الشيخ صالح السبيل وهو متخصص بالمقارنة بين الأديان وقد أمضى أكثر من عشرين سنة في دراسة الأنجيل و الأديان الأخرى وقد تم تأليف الكتاب باللغة الإنجليزية مباشرة ثم ترجم إلى العربية.
المؤلف : Saleh Ali Alsobiyl
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/385678
- الخشوع
المؤلف : Imran Hussein
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1401
- القرآن الكريم وترجمة معانيه إلى اللغة الإنجليزية [مع تلاوة مشاري العفاسي]-
المترجم : Muhammad Muhsin Khan - Taqi-ud-Deen Hilaali
الناشر : http://www.qurancomplex.org - King Fahd Complex For Printing The Holy Quran Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1241