القرآن الكريم للجميع » تفسير القرطبي » سورة النحل
" أَتَى أَمْر اللَّه فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ " قِيلَ : " أَتَى " بِمَعْنَى يَأْتِي ; فَهُوَ كَقَوْلِك : إِنْ أَكْرَمْتنِي أَكْرَمْتُك . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَخْبَار اللَّه تَعَالَى فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَل سَوَاء ; لِأَنَّهُ آتٍ لَا مَحَالَة , كَقَوْلِهِ : " وَنَادَى أَصْحَاب الْجَنَّة أَصْحَاب النَّار " [ الْأَعْرَاف : 44 ] . و " أَمْر اللَّه " عِقَابه لِمَنْ أَقَامَ عَلَى الشِّرْك وَتَكْذِيب رَسُوله . قَالَ الْحَسَن وَابْن جُرَيْج وَالضَّحَّاك : إِنَّهُ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآن مِنْ فَرَائِضه وَأَحْكَامه . وَفِيهِ بُعْد ; لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَل أَنَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَة اِسْتَعْجَلَ فَرَائِض اللَّه مِنْ قَبْل أَنْ تُفْرَض عَلَيْهِمْ , وَأَمَّا مُسْتَعْجِلُو الْعَذَاب وَالْعِقَاب فَذَلِكَ مَنْقُول عَنْ كَثِير مِنْ كُفَّار قُرَيْش وَغَيْرهمْ , حَتَّى قَالَ النَّضْر بْن الْحَارِث : " اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدك " الْآيَة , فَاسْتَعْجَلَ الْعَذَاب .
قُلْت : قَدْ يَسْتَدِلّ الضَّحَّاك بِقَوْلِ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : وَافَقْت رَبِّي فِي ثَلَاث : فِي مَقَام إِبْرَاهِيم , وَفِي الْحِجَاب , وَفِي أُسَارَى بَدْر ; خَرَّجَهُ مُسْلِم وَالْبُخَارِيّ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَة الْبَقَرَة . وَقَالَ الزَّجَّاج : هُوَ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنْ الْمُجَازَاة عَلَى كُفْرهمْ , وَهُوَ كَقَوْلِهِ : " حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرنَا وَفَارَ التَّنُّور " [ هُود : 40 ] . وَقِيلَ : هُوَ يَوْم الْقِيَامَة أَوْ مَا يَدُلّ عَلَى قُرْبهَا مِنْ أَشْرَاطهَا . قَالَ اِبْن عَبَّاس : لَمَّا نَزَلَتْ " اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر " [ الْقَمَر : 1 ] قَالَ الْكُفَّار : إِنَّ هَذَا يَزْعُم أَنَّ الْقِيَامَة قَدْ قَرُبَتْ , فَأَمْسِكُوا عَنْ بَعْض مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ , فَأَمْسَكُوا وَانْتَظَرُوا فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا , فَقَالُوا : مَا نَرَى شَيْئًا فَنَزَلَتْ " اِقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ " [ الْأَنْبِيَاء : 1 ] الْآيَة . فَأَشْفَقُوا وَانْتَظَرُوا قُرْب السَّاعَة , فَامْتَدَّتْ الْأَيَّام فَقَالُوا : مَا نَرَى شَيْئًا فَنَزَلَتْ " أَتَى أَمْر اللَّه " فَوَثَبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ وَخَافُوا ; فَنَزَلَتْ " فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ " فَاطْمَأَنُّوا , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بُعِثْت أَنَا وَالسَّاعَة كَهَاتَيْنِ ) وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ : السَّبَّابَة وَاَلَّتِي تَلِيهَا . يَقُول : ( إِنْ كَادَتْ لَتَسْبِقنِي فَسَبَقْتهَا ) . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : كَانَ بَعْث النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَشْرَاط السَّاعَة , وَأَنَّ جِبْرِيل لَمَّا مَرَّ بِأَهْلِ السَّمَوَات مَبْعُوثًا إِلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا اللَّه أَكْبَر , قَدْ قَامَتْ السَّاعَة .
أَيْ تَنْزِيهًا لَهُ عَمَّا يَصِفُونَهُ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقْدِر عَلَى قِيَام السَّاعَة , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : لَا يَقْدِر أَحَد عَلَى بَعْث الْأَمْوَات , فَوَصَفُوهُ بِالْعَجْزِ الَّذِي لَا يُوصَف بِهِ إِلَّا الْمَخْلُوق , وَذَلِكَ شِرْك . وَقِيلَ : " عَمَّا يُشْرِكُونَ " أَيْ عَنْ إِشْرَاكهمْ . وَقِيلَ : " مَا " بِمَعْنَى الَّذِي أَيْ اِرْتَفَعَ عَنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا بِهِ .
كتب عشوائيه
- الرسالة التشنَّائِيَّة في أحكام الزكاةالرسالة التشنَّائِيَّة في أحكام الزكاة: رسالة في الزكاة ومفهومها، وأحكامها، وشروطها، ومصارفها. والتشنَّائِيَّة: منسوبة إلى (تشيناي) المعروفة بـ (مدراس) عاصمة تاميل الهندية.
المؤلف : Abu Ameenah Bilal Philips
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : http://www.bilalphilips.com - The Official Website of Shaikh Abu Ameenah Bilal Philips
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/318550
- الدين الصحيحيتناول هذا الكتاب: • شرحاً موجزاً للدين الإسلامي، وأنه الدين الصحيح الذي لا يقبل الله ديناً سواه. • استعراض الأديان والمبادئ الأخرى وبيان بطلانها. • حقيقة عيسى وأمه - عليهما السلام -. • عالمية الدين الإسلامي والحكمة في خلق الثقلين.
المؤلف : Abu Ameenah Bilal Philips
المدقق/المراجع : Ahmad Bolter - Mueed AbdulSalam Abu Hashim - Abdur-Rahman Murad - Khalid Al-Ahmadi - Mahmood Hasan - Dawood Fateh - Ahmad Bolter
الناشر : Islamic Propagation Office in Rabwah
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/62884
- فضل علم السلف على الخلففضل علم السلف على الخلف: فضّل الله - سبحانه وتعالى - العلم وجعله ميراث الأنبياء، ورفع أهله وفضَّلهم وشرَّفهم وزكَّاهم، ولا يكون ذلك الشرف والفضل إلا بالإخلاص لله - سبحانه وتعالى -، مع بذل الجهد في تعلُّمه وتعليمه؛ فعلى العالم أن يترسَّم هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن يتعاطَى الأسباب لقبول علمه. وفي هذه الرسالة النافعة الماتعة يُبيِّن الإمام ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - فضل علم الصحابة والتابعين على علم من جاء بعدهم، وبيَّن أسباب التفضيل بينهما.
المؤلف : Ibn Rajab Al-Hanbali
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المترجم : Mahmoud Reda Morad Abu Romaisah
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/339191
- فضائل القرآنفضائل القرآن: هذه الرسالة عبارة عن مقدمة كتبها الشيخ عبد القادر الأرناؤوط - رحمه الله - لكتاب: «القرآن الكريم وبهامشه تفسير الجلالين»، وقد ذكر فيها - رحمه الله - عدة فصولٍ في فضائل القرآن الكريم، وهي: فضل من تعلَّم القرآن وعلَّمه، وفضل قراءة القرآن، وشفاعة القرآن لصاحبه، والأمر بتعهُّد القرآن، ورفع شأن المسلمين بالقرآن، وفضيلة قارئ القرآن، ومكانة حامل القرآن الذي يعمل به، ونزول السكينة لقراءة القرآن، واستحباب تحسين الصوت بالقرآن، ثم ذكر فضائل بعض سور وآيات القرآن من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.
المؤلف : AbdulQader Al-Arnaoot
المترجم : Muhammad Bin Munir Al-Qashlan
الناشر : International Islamic Publishing House
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1379
- عيسى في الإنجيلعيسى في الإنجيل: رسالة صغيرة في بيان منزلة عيسى - عليه السلام - في الإنجيل، وهل هو نبيٌّ أو إله، وما منزلته - عليه السلام - عند المسلمين.
المؤلف : Rashaad Abdul-Muhaiman
الناشر : El-Haqq Islamic Resource Center
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1367












