القرآن الكريم للجميع » تفسير ابن كثر » سورة الصف
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) (الصف) 

يَقُول تَعَالَى آمِرًا عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا أَنْصَار اللَّه فِي جَمِيع أَحْوَالهمْ بِأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالهمْ وَأَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ وَأَنْ يَسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ كَمَا اِسْتَجَابَ الْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى حِين قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّه أَيْ مُعِينِي فِي الدَّعْوَة إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ وَهُمْ أَتْبَاع عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام نَحْنُ أَنْصَار اللَّه أَيْ نَحْنُ أَنْصَارك عَلَى مَا أُرْسِلْت بِهِ وَمُوَازِرُوك عَلَى ذَلِكَ وَلِهَذَا بَعَثَهُمْ دُعَاة إِلَى النَّاس فِي بِلَاد الشَّام فِي الْإِسْرَائِيلِيِّينَ وَالْيُونَانِيِّينَ وَهَكَذَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول فِي أَيَّام الْحَجّ " مَنْ رَجُل يُؤْوِينِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَة رَبِّي ؟ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ رِسَالَة رَبِّي " حَتَّى قَيَّضَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَهُ الْأَوْس وَالْخَزْرَج مِنْ أَهْل الْمَدِينَة فَبَايَعُوهُ وَوَازَرُوه وَشَارَطُوه أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ الْأَسْوَد وَالْأَحْمَر إِنْ هُوَ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَيْهِمْ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابه وَفَوْا لَهُ بِمَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ وَلِهَذَا سَمَّاهُمْ اللَّه وَرَسُوله الْأَنْصَار وَصَارَ ذَلِكَ عَلَمًا عَلَيْهِمْ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ وَقَوْله تَعَالَى فَآمَنَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَكَفَرَتْ طَائِفَة أَيْ لَمَّا بَلَّغَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام رِسَالَة رَبّه إِلَى قَوْمه وَوَازَرَهُ مَنْ وَازَرَهُ مِنْ الْحَوَارِيِّينَ اِهْتَدَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ وَضَلَّتْ طَائِفَة فَخَرَجَتْ عَمَّا جَاءَهُمْ بِهِ وَجَحَدُوا نُبُوَّته وَرَمَوْهُ وَأُمّه بِالْعَظَائِمِ وَهُمْ الْيَهُود عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه الْمُتَتَابِعَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَغَالَتْ فِيهِ طَائِفَة مِمَّنْ اِتَّبَعَهُ حَتَّى رَفَعُوهُ فَوْق مَا أَعْطَاهُ اللَّه مِنْ النُّبُوَّة وَافْتَرَقُوا فِرَقًا وَشِيَعًا فَمِنْ قَائِل مِنْهُمْ إِنَّهُ اِبْن اللَّه وَقَائِل إِنَّهُ ثَالِث ثَلَاثَة : الْأَب وَالِابْن وَرُوح الْقُدْس وَمِنْ قَائِل إِنَّهُ اللَّه وَكُلّ هَذِهِ الْأَقْوَال مُفَصَّلَة فِي سُورَة النِّسَاء . وَقَوْله تَعَالَى فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوّهُمْ أَيْ نَصَرْنَاهُمْ عَلَى مَنْ عَادَاهُمْ مِنْ فِرَق النَّصَارَى فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ أَيْ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ بِبَعْثَةِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ الْإِمَام أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير رَحِمَهُ اللَّه حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش عَنْ الْمِنْهَال يَعْنِي اِبْن عَمْرو عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : لَمَّا أَرَادَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرْفَع عِيسَى إِلَى السَّمَاء خَرَجَ إِلَى أَصْحَابه وَهُمْ فِي بَيْتٍ اِثْنَا عَشَر رَجُلًا مِنْ عَيْن فِي الْبَيْت وَرَأْسه يَقْطُر مَاء فَقَالَ " إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يَكْفُرُ بِي اِثْنَتَيْ عَشْرَة مَرَّة بَعْد أَنْ آمَنَ بِي قَالَ ثُمَّ قَالَ أَيُّكُمْ يُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي فَيُقْتَل مَكَانِي وَيَكُونُ مَعِي فِي دَرَجَتِي " قَالَ فَقَامَ شَابّ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا فَقَالَ أَنَا فَقَالَ لَهُ " اِجْلِسْ " ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَامَ الشَّابّ فَقَالَ أَنَا فَقَالَ لَهُ " اِجْلِسْ " ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَامَ الشَّابّ فَقَالَ أَنَا فَقَالَ " نَعَمْ أَنْتَ ذَاكَ " قَالَ فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَه عِيسَى وَرُفِعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ رَوْزَنَة فِي الْبَيْت إِلَى السَّمَاء قَالَ وَجَاءَ الطَّلَب مِنْ الْيَهُود فَأَخَذُوا شَبِيهه فَقَتَلُوهُ وَصَلَبُوهُ وَكَفَرَ بِهِ بَعْضهمْ اِثْنَتَيْ عَشْرَة مَرَّة بَعْد أَنْ آمَنَ بِهِ فَتَفَرَّقُوا فِيهِ ثَلَاث فِرَق فَقَالَتْ فِرْقَة كَانَ اللَّه فِينَا مَا شَاءَ ثُمَّ صَعِدَ إِلَى السَّمَاء وَهَؤُلَاءِ الْيَعْقُوبِيَّة وَقَالَتْ فِرْقَة كَانَ فِينَا اِبْن اللَّه مَا شَاءَ اللَّه ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيْهِ وَهَؤُلَاءِ النَّسْطُورِيَّة وَقَالَ فِرْقَة كَانَ فِينَا عَبْد اللَّه وَرَسُوله مَا شَاءَ اللَّه ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّه إِلَيْهِ وَهَؤُلَاءِ الْمُسْلِمُونَ فَتَظَاهَرَتْ الْكَافِرَتَانِ عَلَى الْمُسْلِمَة فَقَتَلُوهَا فَلَمْ يَزَلْ الْإِسْلَام طَامِسًا حَتَّى بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَكَفَرَتْ طَائِقَة يَعْنِي الطَّائِفَة الَّتِي كَفَرَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل فِي زَمَن عِيسَى وَالطَّائِفَة الَّتِي آمَنَتْ فِي زَمَن عِيسَى فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوّهُمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ بِإِظْهَارِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَهُمْ عَلَى دِين الْكُفَّار هَذَا لَفْظه فِي كِتَابه عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة مِنْ سُنَنه عَنْ أَبِي كُرَيْب عَنْ مُحَمَّد بْن الْعَلَاء عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة بِمِثْلِهِ سَوَاء فَأُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُونَ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقّ حَتَّى يَأْتِي أَمْر اللَّه وَهُمْ كَذَلِكَ وَحَتَّى يُقَاتِل آخِرهمْ الدَّجَّال مَعَ الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا وَرَدَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيث الصِّحَاح وَاَللَّه أَعْلَم . آخِر تَفْسِير سُورَة الصَّفّ وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .
كتب عشوائيه
- رياض الصالحينكتاب رياض الصالحين للإمام المحدث الفقيه أبي زكريا يحيى بن شرف النووي المتوفى سنة 676هـ - رحمه الله - من الكتب المهمة، وهو من أكثر الكتب انتشاراً في العالم؛ وذلك لاشتماله على أهم ما يحتاجه المسلم في عباداته وحياته اليومية مع صحة أحاديثه - إلا نزراً يسيراً - واختصاره وسهولته وتذليل المصنف لمادته، وهو كتاب ينتفع به المبتديء والمنتهي.
المؤلف : Abu Zakaria Al-Nawawi
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/290639
- المخرج الوحيد : دليل الباحثين عن الحقمن أبرز الكتب وأغناها مادة وأعمقها طرحاً في مجال التعريف بالإسلام والدعوة إليه، وهو كتاب أمضى فيه المؤلف أكثر من أربع سنوات من البحث والإطلاع والدراسة حتى خرج بصورته النهائية قبل عدة أيام. وتأتي أهمية الكتاب من كون المؤلف شخصاً عاش في الغرب منذ نعومة أظافره، وحضّر دراساته للماجستير والدكتوراه في أعرق الجامعات البريطانية، الأمر الذي أكسبه دراية واسعة ونظرة فاحصة لثقافة الغرب ولغة تفكيره. وتأتي الأهمية الأخرى للكتاب من الطرح العميق الذي يمزج بين الفلسفة والدين والثقافة و العلم الطبيعي، ولكن هذه المرة من منظور السلف الصالح، وهذا جانب قلّما يوجد من يلتفت إليه في كثير من المؤلفات المتأخرة التي تتعرض للفلسفة و الفكر في إطارهما العام. فقد تمكن المؤلف إلى حد كبير من حبك مادة الكتاب بحيث تخاطب عقول النخب الغربية وفي ذات الوقت تقدم الإسلام في صورته النقية البسيطة، كما فهمته القرون الثلاثة الأولى، والمشهود لها بالأفضلية من قبل الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وقد تميز الكتاب بكونه من أوائل الكتب إن لم يكن أولها على الإطلاق التي عالجت أحدث الشبهات المثيرة للإلحاد والشك وخاصة تلك التي تزعمها الملحد البريطاني المشهور/ ريتشارد دوكنز، كل ذلك من خلال حجج مبتكرة ومفحمة من نصوص الكتاب والسنة وكتابات العلماء والباحثين المشهورين، في شتى الفنون والعلوم، في القديم والحديث.
المؤلف : Abdullah ibn Saeed Ash-Shehri
الناشر : http://www.jubaildawah.org - The Website of The Cooperative Office for Propagation, Guidance, and Warning of Expatriates - Jubail
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/329579
- الإيمان بالملائكةيدرس هذا الكتاب قضية الإيمان بالملائكة، وهي قضيةٌ مهمة من قضايا العقيدة، ويبحث معنى الإيمان بالملائكة، وصفات الملائكة، كما يدرس طرفًا من أعمال الملائكة المُكلَّفين بها، ثم يعرض لأوجه الاختلاف بين عمل الملائكة وعمل الشياطين، ويختتم الكتاب بأثر الإيمان بالملائكة في حياة الإنسان.
المؤلف : Saleh Bin Fawzaan al-Fawzaan
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : A website Quran and Sunnah : http://www.qsep.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/373559
- الصحابيات الجليلات-
المؤلف : Saifur Rahman Al-Mubarakpuri
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/228513
- الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام-
المؤلف : Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/51918