القرآن الكريم للجميع » تفسير ابن كثر » سورة الأنعام
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (74) (الأنعام) 

قَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس إِنَّ أَبَا إِبْرَاهِيم لَمْ يَكُنْ اِسْمه آزَرَ وَإِنَّمَا كَانَ اِسْمه تَارِخ رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَقَالَ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَمْرو بْن أَبِي عَاصِم النَّبِيل حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِم شُبَيْب حَدَّثَنَا عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ آزَرَ " يَعْنِي بِآزَر الصَّنَم وَأَبُو إِبْرَاهِيم اِسْمه تَارِخ وَأُمّه اِسْمهَا شاني وَامْرَأَته اِسْمهَا سَارَّة وَأُمّ إِسْمَاعِيل اِسْمهَا هَاجَرَ وَهِيَ سَرِيَّة إِبْرَاهِيم . وَهَكَذَا قَالَ غَيْر وَاحِد مِنْ عُلَمَاء النَّسَب إِنَّ اِسْمه تَارِخ وَقَالَ مُجَاهِد وَالسُّدِّيّ آزَرَ اِسْم صَنَم قُلْت كَأَنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهِ آزَرَ لِخِدْمَتِهِ ذَلِكَ الصَّنَم فَاَللَّه أَعْلَم وَقَالَ اِبْن جَرِير وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ سَبّ وَعَيْب بِكَلَامِهِمْ وَمَعْنَاهُ مُعْوَجّ وَلَمْ يُسْنِدهُ وَلَا حَكَاهُ عَنْ أَحَد . وَقَدْ قَالَ ابْن أَبِي حَاتِم ذَكَرَ عَنْ مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان سَمِعْت أَبِي يَقْرَأ " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ آزَرَ " قَالَ بَلَغَنِي أَنَّهَا أَعْوَج وَأَنَّهَا أَشَدّ كَلِمَة قَالَهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ثُمَّ قَالَ اِبْن جَرِير وَالصَّوَاب أَنَّ اِسْم أَبِيهِ آزَرَ ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسه قَوْل النَّسَّابِينَ أَنْ اِسْمه تَارِخ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُون لَهُ اِسْمَانِ كَمَا لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاس أَوْ يَكُون أَحَدهمَا لَقَبًا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ جَيِّد قَوِيّ وَاَللَّه أَعْلَم وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي أَدَاء قَوْله تَعَالَى " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ آزَرَ" فَحَكَى اِبْن جَرِير عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَأَبِي يَزِيد الْمَدَنِيّ أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَة " مَعْنَاهُ يَا آزَرُ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَة وَقَرَأَ الْجُمْهُور بِالْفَتْحِ إِمَّا عَلَى أَنَّهُ عَلَم أَعْجَمِيّ لَا يَنْصَرِف وَهُوَ بَدَل مِنْ قَوْله لِأَبِيهِ أَوْ عَطْف بَيَان وَهُوَ أَشْبَه وَعَلَى قَوْل مَنْ جَعَلَهُ نَعْتًا لَا يَنْصَرِف أَيْضًا كَأَحْمَر وَأَسْوَد فَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَنْصُوب لِكَوْنِهِ مَعْمُولًا لِقَوْلِهِ " أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا " تَقْدِيره يَا أَبَت أَتَتَّخِذُ آزَرَ أَصْنَامًا آلِهَة فَإِنَّهُ قَوْل بَعِيد فِي اللُّغَة فَإِنَّ مَا بَعْد حَرْف الِاسْتِفْهَام لَا يَعْمَل فِيمَا قَبْله لِأَنَّ لَهُ صَدْر الْكَلَام . كَذَا قَرَّرَهُ اِبْن جَرِير وَغَيْره وَهُوَ مَشْهُور فِي قَوَاعِد الْعَرَبِيَّة وَالْمَقْصُود أَنَّ إِبْرَاهِيم وَعَظَ أَبَاهُ فِي عِبَادَة الْأَصْنَام وَزَجَرَهُ عَنْهَا وَنَهَاهُ فَلَمْ يَنْتَهِ كَمَا قَالَ " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَة " أَيْ أَتَتَأَلَّهُ لِصَنَمٍ تَعْبُدهُ مِنْ دُون اللَّه " إِنِّي أَرَاك وَقَوْمك " أَيْ السَّالِكِينَ مَسْلَكك " فِي ضَلَال مُبِين " أَيْ تَائِهِينَ لَا يَهْتَدُونَ أَيْنَ يَسْلُكُونَ بَلْ فِي حِيرَة وَجَهْل وَأَمْركُمْ فِي الْجَهَالَة وَالضَّلَال بَيِّن وَاضِح لِكُلِّ ذِي عَقْل سَلِيم . وَقَالَ تَعَالَى" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَاب إِبْرَاهِيم إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَت لِمَ تَعْبُد مَا لَا يَسْمَع وَلَا يُبْصِر وَلَا يُغْنِي عَنْك شَيْئًا يَا أَبَت إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْم مَا لَمْ يَأْتِك فَاتَّبِعْنِي أَهْدِك صِرَاطًا سَوِيًّا يَا أَبَت لَا تَعْبُد الشَّيْطَان إِنَّ الشَّيْطَان كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا يَا أَبَت إِنِّي أَخَاف أَنْ يَمَسّك عَذَاب مِنْ الرَّحْمَن فَتَكُون لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا قَالَ أَرَاغِب أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيم لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا قَالَ سَلَام عَلَيْك سَأَسْتَغْفِرُ لَك رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا وَأَعْتَزِلكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَنْ لَا أَكُون بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا " فَكَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يَسْتَغْفِر لِأَبِيهِ مُدَّة حَيَاته فَلَمَّا مَاتَ عَلَى الشِّرْك وَتَبَيَّنَ إِبْرَاهِيم ذَلِكَ رَجَعَ عَنْ الِاسْتِغْفَار لَهُ وَتَبَرَّأَ مِنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَمَا كَانَ اِسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَة وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيم لَأَوَّاه حَلِيم " وَثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّ إِبْرَاهِيم يَلْقَى أَبَاهُ آزَرَ يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول لَهُ آزَرَ يَا بُنَيّ الْيَوْم لَا أَعْصِيك فَيَقُول إِبْرَاهِيم أَيْ رَبّ أَلَمْ تَعِدنِي أَنَّك لَا تُخْزِنِي يَوْم يُبْعَثُونَ وَأَيّ خِزْي أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَد ؟ فَيُقَال يَا إِبْرَاهِيم اُنْظُرْ مَا وَرَاءَك فَإِذَا هُوَ بِذِبْحٍ مُتَلَطِّخ فَيُؤْخَذ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّار .
كتب عشوائيه
- حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنةحصن المسلم : لمصنفه فضيلة الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني - حفظه الله - يعد من أنفس كتب أذكار عمل اليوم والليلة في حياة المسلم، وبفضل الله تمت ترجمة هذا الكتاب إلى العديد من اللغات، وحرصنا على جمعها في صفحة واحدة ومواصلة الجهود في ترجمة هذا الكتاب تحت إشراف المؤلف إلى بقية اللغات الأخرى.
المؤلف : Saeed Bin Ali Bin Wahf Al-Qahtani
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/39062
- دعوة النصارىكتاب نافع يتحدث عن طوائف النصرانية مثل: الكاثوليكية، والأرثوذكسية، والبروتستانتية، وشهود يهوه ...إلخ. إضافة إلى ذلك يبين الاختلافات ومواطن الاتفاق بين كل هذه الطوائف. يلقي الكاتب الضوء على منهج المسيح عليه السلام في عدة أمور مثل: أكل لحم الخنزير، تناول الخمور، تعدد الزوجات، الصوم، الربا، إلقاء السلام، الحجاب، السجود في الصلاة والوضوء قبلها، والختان. وفي النهاية يقدم فصلا عن تأليف الكتاب المقدس.
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/318733
- العقيدة الصحيحة وما يضادها ونواقض الإسلامالعقيدة الصحيحة وما يضادها ونواقض الإسلام : محاضرة ألقاها فضيلة العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - بين فيها أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، إذا أنه من المعلوم بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة أن الأعمال والأقوال إنما تصح وتقبل إذا صدرت عن عقيدة صحيحة، فإن كانت العقيدة غير صحيحة بطل ما يتفرع عنها من أعمال وأقوال.
المؤلف : Abdul Aziz bin Abdullah bin Baz
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1227
- العقيدة الطحاويةالعقيدة الطحاوية: متن مختصر صنفه العالم المحدِّث: أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي، المتوفى سنة 321هـ، وهي عقيدةٌ موافقة في جُلِّ مباحثها لما يعتقده أهل الحديث والأثر، أهل السنة والجماعة، وقد ذَكَرَ عددٌ من أهل العلم أنَّ أتْبَاعَ أئمة المذاهب الأربعة ارتضوها؛ وذلك لأنها اشتملت على أصول الاعتقاد المُتَّفَقِ عليه بين أهل العلم، وذلك في الإجمال لأنَّ ثَمَّ مواضع اُنتُقِدَت عليه.
المؤلف : Abu Jafar at-Tahawi
المترجم : Suhaib Hasan AbdulGhaffar
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/52960
- ماذا يجب أن تعرف عن خالقك؟تشتمل هذه الرسالة على بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في باب توحيد الله وأسمائه وصفاته، وفي أبواب الإِيمان بالملائكة، والكتب، والرسل، واليوم الآخر، والقدَر خيره وشره.
المؤلف : Muhammad ibn Saleh al-Othaimeen
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : A website Quran and Sunnah : http://www.qsep.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/373685