القرآن الكريم للجميع » تفسير ابن كثر » سورة فصلت
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) (فصلت) 

يَقُول عَزَّ وَجَلَّ " وَمَنْ أَحْسَن قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه " أَيْ دَعَا عِبَاد اللَّه إِلَيْهِ " وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ" أَيْ وَهُوَ فِي نَفْسه مُهْتَدٍ بِمَا يَقُولهُ فَنَفْعه لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ لَازِم وَمُتَعَدٍّ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَأْتُونَهُ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَر وَيَأْتُونَهُ بَلْ يَأْتَمِر بِالْخَيْرِ وَيَتْرُك الشَّرّ وَيَدْعُو الْخَلْق إِلَى الْخَالِق تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهَذِهِ عَامَّة فِي كُلّ مَنْ دَعَا إِلَى خَيْر وَهُوَ فِي نَفْسه مُهْتَدٍ وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى النَّاس بِذَلِكَ كَمَا قَالَ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ وَالسُّدِّيّ وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ وَقِيلَ الْمُرَاد بِهَا الْمُؤَذِّنُونَ الصُّلَحَاء كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم " الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَل النَّاس أَعْنَاقًا يَوْم الْقِيَامَة" وَفِي السُّنَن مَرْفُوعًا " الْإِمَام ضَامِن وَالْمُؤَذِّن مُؤْتَمَن فَأَرْشَدَ اللَّه الْأَئِمَّة وَغَفَرَ لِلْمُؤَذِّنِينَ " وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُرْوَة الْهَرَوِيّ حَدَّثَنَا غَسَّان قَاضِي هَرَاة وَقَالَ أَبُو زُرْعَة حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان عَنْ مَطَر عَنْ الْحَسَن عَنْ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ " سِهَام الْمُؤَذِّنِينَ عِنْد اللَّه تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة كَسِهَامِ الْمُجَاهِدِينَ وَهُوَ بَيْن الْأَذَان وَالْإِقَامَة كَالْمُتَشَحِّطِ فِي سَبِيل اللَّه تَعَالَى فِي دَمه . قَالَ : وَقَالَ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَوْ كُنْت مُؤَذِّنًا مَا بَالَيْت أَنْ لَا أَحُجّ وَلَا أَعْتَمِر وَلَا أُجَاهِد قَالَ وَقَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَوْ كُنْت مُؤَذِّنًا لَكَمُلَ أَمْرِي وَمَا بَالَيْت أَنْ لَا أَنْتَصِب لِقِيَامِ اللَّيْل وَلَا لِصِيَامِ النَّهَار سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ ثَلَاثًا " قَالَ : فَقُلْت يَا رَسُول اللَّه تَرَكْتنَا وَنَحْنُ نَجْتَلِد عَلَى الْأَذَان بِالسُّيُوفِ قَالَ " كَلَّا يَا عُمَر إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَى النَّاس زَمَان يَتْرُكُونَ الْأَذَان عَلَى ضُعَفَائِهِمْ وَتِلْكَ لُحُوم حَرَّمَهَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّار لُحُوم الْمُؤَذِّنِينَ " قَالَ : وَقَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهَا وَلَهُمْ هَذِهِ الْآيَة " وَمَنْ أَحْسَن قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ " قَالَتْ فَهُوَ الْمُؤَذِّن إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاة فَقَدْ دَعَا إِلَى اللَّه وَهَكَذَا قَالَ اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَعِكْرِمَة إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُؤَذِّنِينَ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ " وَعَمِلَ صَالِحًا" يَعْنِي صَلَاة رَكْعَتَيْنِ بَيْن الْأَذَان وَالْإِقَامَة ثُمَّ أَوْرَدَ الْبَغَوِيّ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن الْمُغَفَّل رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" بَيْن كُلّ أَذَانَيْنِ صَلَاة - ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَة - لِمَنْ شَاءَ " وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَة فِي كُتُبهمْ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَة عَنْهُ وَحَدِيث الثَّوْرِيّ عَنْ زَيْد الْعَمِّيّ عَنْ أَبِي إِيَاس مُعَاوِيَة بْن قُرَّة عَنْ أَنَس بْن مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ الثَّوْرِيّ لَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الدُّعَاء لَا يُرَدّ بَيْن الْأَذَان وَالْإِقَامَة " وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة كُلّهمْ مِنْ حَدِيث الثَّوْرِيّ بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حَسَن وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا مِنْ حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَنْ قَتَادَة عَنْ أَنَس بِهِ وَالصَّحِيح أَنَّ الْآيَة عَامَّة فِي الْمُؤَذِّنِينَ وَفِي غَيْرهمْ فَأَمَّا حَال نُزُول هَذِهِ الْآيَة فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْأَذَان مَشْرُوعًا بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّهَا مَكِّيَّة وَالْأَذَان إِنَّمَا شُرِعَ بِالْمَدِينَةِ بَعْد الْهِجْرَة حِين أُرِيه عَبْد اللَّه بْن عَبْد رَبّه الْأَنْصَارِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . فِي مَنَامه فَقَصَّهُ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُلْقِيه عَلَى بِلَال رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا كَمَا هُوَ مُقَرَّر فِي مَوْضِعه فَالصَّحِيح إِذَنْ أَنَّهَا عَامَّة كَمَا قَالَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَة " وَمَنْ أَحْسَن قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ" فَقَالَ هَذَا حَبِيب اللَّه هَذَا وَلِيّ اللَّه هَذَا صَفْوَة اللَّه هَذَا خِيرَة اللَّه هَذَا أَحَبّ أَهْل الْأَرْض إِلَى اللَّه أَجَابَ اللَّه فِي دَعْوَته وَدَعَا النَّاس إِلَى مَا أَجَابَ اللَّه فِيهِ مِنْ دَعْوَته وَعَمِلَ صَالِحًا فِي إِجَابَته وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ هَذَا خَلِيفَة اللَّه .
كتب عشوائيه
- صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراهاصفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها: ما من عبادة إلا ولها صفة وكيفية قد تكفل الله سبحانه ببيانها، و بيَّنها رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وفي هذه الرسالة بيان لصفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - من بداية التكبير إلى ختام الصلاة بالتسليم.
المؤلف : Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : http://www.islamweb.net - Islam Web Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/306370
- الإيمان بالرسلالإيمان بالرسل: في هذا الكتاب الحديث عن الإيمان بالرسل - عليهم الصلاة والسلام - الذي هو ركنٌ من أركان الإيمان الست، وأن الله تعالى بعث لكل قومٍ نبيًّا أو رسولاً ليأمر قومه بعبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه.
المؤلف : Saleh Bin Fawzaan al-Fawzaan
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المترجم : Shuwana Abdul-Azeez
الناشر : A website Quran and Sunnah : http://www.qsep.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/371009
- النبي محمد صلى الله عليه وسلم نعمة على البشريةالنبي محمد صلى الله عليه وسلم نعمة على البشرية: تعريف مختصر بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، والتعريف بنسبه، ومولده، وبعض صفاته، وآدابه، وأخلاقه، ودعوته، وحياته.
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : International Islamic Publishing House
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/313868
- تيسير مصطلح الحديثتيسير مصطلح الحديث : كتاب مبسط في علم مصطلح الحديث، وهُو مِن المُقرَّراتِ في كَثيرٍ مِن الجامِعاتِ الشَّرعيَّةِ.
المؤلف : Mahmood Al-Tahaan
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/291284
- من فتاوى الإمام ابن تيمية رحمه اللهمن فتاوى الإمام ابن تيمية رحمه الله: كتابٌ يحتوي على مجموعة من فتاوى الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في العقيدة، والفقه، والمعاملات، وغير ذلك.
المؤلف : Sheikh-ul-Islam ibn Taymiyyah
المترجم : Mohammed Abdul Haqq Al-Ansari
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/339158