القرآن الكريم للجميع » تفسير ابن كثر » سورة النساء
وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا (101) (النساء)
ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا " يَقُول تَعَالَى " وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض " أَيْ سَافَرْتُمْ فِي الْبِلَاد كَمَا قَالَ تَعَالَى " عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْض يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْل اللَّه " الْآيَة وَقَوْله " فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة " أَيْ تُخَفِّفُوا فِيهَا إِمَّا مِنْ كَمِّيَّتهَا بِأَنْ تُجْعَل الرُّبَاعِيَّة ثُنَائِيَّة كَمَا فَهِمَهُ الْجُمْهُور مِنْ هَذِهِ الْآيَة وَاسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى قَصْر الصَّلَاة فِي السَّفَر عَلَى اِخْتِلَافهمْ فِي ذَلِكَ فَمِنْ قَائِل لَا بُدّ أَنْ يَكُون سَفَر طَاعَة مِنْ جِهَاد أَوْ حَجّ أَوْ عُمْرَة أَوْ طَلَب عِلْم أَوْ زِيَارَة أَوْ غَيْر ذَلِكَ كَمَا هُوَ مَرْوِيّ عَنْ اِبْن عُمَر وَعَطَاء وَيَحْيَى عَنْ مَالِك فِي رِوَايَة عَنْهُ نَحْوه لِظَاهِرِ قَوْله " إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا " وَمِنْ قَائِل لَا يُشْتَرَط سَفَر الْقُرْبَة بَلْ لَا بُدّ أَنْ يَكُون مُبَاحًا لِقَوْلِهِ " فَمَنْ اُضْطُرَّ فِي مَخْمَصَة غَيْر مُتَجَانِف لِإِثْمٍ " الْآيَة كَمَا أَبَاحَ لَهُ تَنَاوُل الْمَيْتَة مَعَ الِاضْطِرَار بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُون عَاصِيًا بِسَفَرِهِ وَهَذَا قَوْل الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَغَيْرهمَا مِنْ الْأَئِمَّة وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم قَالَ : جَاءَ رَجُل فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنِّي رَجُل تَاجِر أَخْتَلِف إِلَى الْبَحْرَيْنِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَهَذَا مُرْسَل . وَمِنْ قَائِل يَكْفِي مُطْلَق السَّفَر سَوَاء كَانَ مُبَاحًا أَوْ مَحْظُورًا حَتَّى لَوْ خَرَجَ لَقَطَعَ الطَّرِيق وَإِخَافَة السَّبِيل تَرَخَّصَ لِوُجُودِ مُطْلَق السَّفَر وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَة وَالثَّوْرِيّ وَدَاوُد لِعُمُومِ الْآيَة وَخَالَفَهُمْ الْجُمْهُور وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى " إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا " فَقَدْ يَكُون هَذَا خَرَجَ مَخْرَج الْغَالِب حَال نُزُول هَذِهِ الْآيَة فَإِنَّ فِي مَبْدَأ الْإِسْلَام بَعْد الْهِجْرَة كَانَ غَالِب أَسْفَارهمْ مَخُوفَة بَلْ مَا كَانُوا يَنْهَضُونَ إِلَّا إِلَى غَزْو عَامّ أَوْ فِي سَرِيَّة خَاصَّة . وَسَائِر الْأَحْيَان حَرْب لِلْإِسْلَامِ وَأَهْله وَالْمَنْطُوق إِذَا خَرَجَ مَخْرَج الْغَالِب أَوْ عَلَى حَادِثَة فَلَا مَفْهُوم لَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا " وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَرَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُوركُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ " الْآيَة . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا اِبْن إِدْرِيس حَدَّثَنَا اِبْن جُرَيْج عَنْ أَبِي عَمَّار عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَابِيَة عَنْ يَعْلَى بْن أُمَيَّة قَالَ : سَأَلْت عُمَر بْن الْخَطَّاب قُلْت لَهُ قَوْله " لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا " وَقَدْ أَمِنَ النَّاس فَقَالَ لِي عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : عَجِبْت مِمَّا عَجِبْت مِنْهُ فَسَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ " صَدَقَة تَصَدَّقَ اللَّه بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَته " . وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم وَأَهْل السُّنَن مِنْ حَدِيث اِبْن جُرَيْج عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي عَمَّار بِهِ . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح . وَقَالَ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح مِنْ حَدِيث عُمَر وَلَا يُحْفَظ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه وَرِجَاله مَعْرُوفُونَ . وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم حَدَّثَنَا مَالِك بْن مِغْوَل عَنْ أَبِي حَنْظَلَة الْحَذَّاء قَالَ سَأَلْت اِبْن عُمَر عَنْ صَلَاة السَّفَر فَقَالَ : رَكْعَتَانِ فَقُلْت أَيْنَ قَوْله " إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا " وَنَحْنُ آمِنُونَ فَقَالَ : سُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد حَدَّثَنَا مِنْجَاب حَدَّثَنَا شَرِيك عَنْ قَيْس بْن وَهْب عَنْ أَبِي الْوَدَّاك قَالَ : سَأَلْت اِبْن عُمَر عَنْ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَر فَقَالَ : هِيَ رُخْصَة نَزَلَتْ مِنْ السَّمَاء فَإِنْ شِئْتُمْ فَرُدُّوهَا . وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة حَدَّثَنَا يَزِيد بْن هَارُون حَدَّثَنَا اِبْن عَوْن عَنْ اِبْن سِيرِينَ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : صَلَّيْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن مَكَّة وَالْمَدِينَة وَنَحْنُ آمِنُونَ لَا نَخَاف بَيْنهمَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ . وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى عَنْ خَالِد الْحَذَّاء عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَوْن بِهِ . قَالَ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ وَهَكَذَا رَوَاهُ أَيُّوب وَهِشَام وَيَزِيد بْن إِبْرَاهِيم التُّسْتَرِيّ عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْله قُلْت وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ جَمِيعًا عَنْ قُتَيْبَة عَنْ هُشَيْم عَنْ مَنْصُور عَنْ زَاذَان عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة لَا يَخَاف إِلَّا رَبّ الْعَالَمِينَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ صَحِيح وَقَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَر حَدَّثَنَا عَبْد الْوَارِث حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي إِسْحَاق قَالَ سَمِعْت أَنَسًا يَقُول : خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة قُلْت : أَقَمْتُمْ بِمَكَّة شَيْئًا قَالَ : أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا . وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ بَقِيَّة الْجَمَاعَة مِنْ طُرُق عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ بِهِ وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا وَكِيع حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ حَارِثَة بْن وَهْب الْخُزَاعِيّ قَالَ : صَلَّيْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْر وَالْعَصْر بِمِنًى أَكْثَر مَا كَانَ النَّاس وَآمَنه رَكْعَتَيْنِ . وَرَوَاهُ الْجَمَاعَة سِوَى اِبْن مَاجَهْ مِنْ طُرُق عَنْ اِبْن أَبِي إِسْحَاق السَّبِيعِيّ عَنْهُ بِهِ وَلَفْظ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيد حَدَّثَنَا شُعْبَة أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاق سَمِعْت حَارِثَة بْن وَهْب قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَن مَا كَانَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ . وَقَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا مُسَدَّد حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه أَخْبَرَنِي نَافِع عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر قَالَ : صَلَّيْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ وَأَبِي بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان صَدْرًا مِنْ إِمَارَته ثُمَّ أَتَمَّهَا وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث يَحْيَى بْن سَعِيد الْقَطَّان بِهِ وَقَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَة حَدَّثَنَا عَبْد الْوَاحِد عَنْ الْأَعْمَش حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم سَمِعْت عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد يَقُول : صَلَّى بِنَا عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِمِنًى أَرْبَع رَكَعَات فَقِيلَ فِي ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّه بْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ : صَلَّيْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْت مَعَ أَبِي بَكْر بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْت مَعَ عُمَر بْن الْخَطَّاب بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَع رَكَعَات رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ . وَرَوَاهُ الْبُخَارِيّ أَيْضًا مِنْ حَدِيث الثَّوْرِيّ عَنْ الْأَعْمَش بِهِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طُرُق عَنْهُ مِنْهَا عَنْ قُتَيْبَة كَمَا تَقَدَّمَ . فَهَذِهِ الْأَحَادِيث دَالَّة صَرِيحًا عَلَى أَنَّ الْقَصْر لَيْسَ مِنْ شَرْطه وُجُود الْخَوْف وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ الْعُلَمَاء إِنَّ الْمُرَاد مِنْ الْقَصْر هَهُنَا إِنَّمَا هُوَ قَصْر الْكَيْفِيَّة لَا الْكَمِّيَّة وَهُوَ قَوْل مُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه وَاعْتَضَدُوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ الْإِمَام مَالِك عَنْ صَالِح بْن كَيْسَان عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : فُرِضَتْ الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَر وَالْحَضَر فَأُقِرَّتْ صَلَاة السَّفَر وَزِيدَ فِي صَلَاة الْحَضَر . وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيث الْبُخَارِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن يُوسُف التِّنِّيسِيّ وَمُسْلِم عَنْ يَحْيَى بْن يَحْيَى وَأَبُو دَاوُد عَنْ الْقَعْنَبِيّ وَالنَّسَائِيّ عَنْ قُتَيْبَة أَرْبَعَتهمْ عَنْ مَالِك بِهِ قَالُوا فَإِذَا كَانَ أَصْل الصَّلَاة فِي السَّفَر هِيَ الثِّنْتَيْنِ فَكَيْف يَكُون الْمُرَاد بِالْقَصْرِ هَهُنَا قَصْر الْكَمِّيَّة لِأَنَّ مَا هُوَ الْأَصْل لَا يُقَال فِيهِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة أَصْرَح مِنْ ذَلِكَ دَلَالَة عَلَى هَذَا مَا رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا وَكِيع وَسُفْيَان وَعَبْد الرَّحْمَن عَمّ زُبَيْد الْيَامِيّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : صَلَاة السَّفَر رَكْعَتَانِ وَصَلَاة الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ وَصَلَاة الْفِطْر رَكْعَتَانِ وَصَلَاة الْجُمُعَة رَكْعَتَانِ تَمَام غَيْر قَصْر عَلَى لِسَان مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ وَابْن حِبَّان فِي صَحِيحه مِنْ طُرُق عَنْ زُبَيْد الْيَامِيّ بِهِ وَهَذَا إِسْنَاد عَلَى شَرْط مُسْلِم وَقَدْ حَكَمَ مُسْلِم فِي مُقَدِّمَة كِتَابه بِسَمَاعِ اِبْن أَبِي لَيْلَى عَنْ عُمَر وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيث وَفِي غَيْره وَهُوَ الصَّوَاب إِنْ شَاءَ اللَّه وَإِنْ كَانَ يَحْيَى بْن مَعِين وَأَبُو حَاتِم وَالنَّسَائِيّ قَدْ قَالُوا إِنَّهُ لَمْ يَسْمَع مِنْهُ وَعَلَى هَذَا أَيْضًا فَقَالَ فَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْض طُرُق أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ مِنْ طَرِيق الثَّوْرِيّ عَنْ زُبَيْد عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى عَنْ الثِّقَة عَنْ عُمَر فَذَكَرَهُ وَعِنْد اِبْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق يَزِيد بْن أَبِي زِيَاد بْن أَبِي الْجَعْد عَنْ زُبَيْد عَنْ عَبْد الرَّحْمَن عَنْ كَعْب بْن عُجْرَة عَنْ عُمَر فَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ رَوَى مُسْلِم فِي صَحِيحه وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث أَبِي عَوَانَة الْوَضَّاح بْن عَبْد اللَّه الْيَشْكُرِيّ زَادَ مُسْلِم وَالنَّسَائِيّ وَأَيُّوب بْن عَائِذ كِلَاهُمَا عَنْ بُكَيْر بْن الْأَخْنَس عَنْ مُجَاهِد عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس قَالَ : فَرَضَ اللَّه الصَّلَاة عَلَى لِسَان نَبِيّكُمْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَر أَرْبَعًا وَفِي السَّفَر رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْف رَكْعَة فَكَمَا يُصَلِّي فِي الْحَضَر قَبْلهَا وَبَعْدهَا فَكَذَلِكَ يُصَلِّي فِي السَّفَر . وَرَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث أُسَامَة بْن زَيْد عَنْ طَاوُس نَفْسه فَهَذَا ثَابِت بْن اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ أَنَّ أَصْل الصَّلَاة رَكْعَتَانِ وَلَكِنْ زِيدَ فِي صَلَاة الْحَضَر فَلَمَّا اِسْتَقَرَّ ذَلِكَ صَحَّ أَنْ يُقَال إِنَّ فَرْض صَلَاة الْحَضَر أَرْبَع كَمَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَاَللَّه أَعْلَم , لَكِنْ اِتَّفَقَ حَدِيث اِبْن عَبَّاس وَعَائِشَة عَلَى أَنَّ صَلَاة السَّفَر رَكْعَتَانِ وَأَنَّهَا تَامَّة غَيْر مَقْصُورَة كَمَا هُوَ مُصَرَّح بِهِ فِي حَدِيث عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُون الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى " فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة " قَصْر الْكَيْفِيَّة كَمَا فِي صَلَاة الْخَوْف وَلِهَذَا قَالَ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا الْآيَة وَلِهَذَا قَالَ بَعْدهَا وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاة الْآيَة فَبَيَّنَ الْمَقْصُود مِنْ الْقَصْر هَهُنَا وَذَكَرَ صِفَته وَكَيْفِيَّته وَلِهَذَا لَمَا عَقَدَ الْبُخَارِيّ كِتَاب صَلَاة الْخَوْف صَدَّرَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى " وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة - إِلَى قَوْله - إِنَّ اللَّه أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا " وَهَكَذَا قَالَ جُوَيْبِر عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله " فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة " قَالَ : ذَاكَ عِنْد الْقِتَال يُصَلِّي الرَّجُل الرَّاكِب تَكْبِيرَتَيْنِ حَيْثُ كَانَ وَجْهه وَقَالَ أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله " وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة إِنْ خِفْتُمْ " الْآيَة أَنَّ الصَّلَاة إِذَا صُلِّيَتْ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَر فَهِيَ تَمَام التَّقْصِير لَا يَحِلّ إِلَّا أَنْ يَخَاف مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَفْتِنُوهُ عَنْ الصَّلَاة فَالتَّقْصِير رَكْعَة وَقَالَ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد " فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاة يَوْم " كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه بِعُسْفَانَ وَالْمُشْرِكُونَ بِضَجَنَانَ فَتَوَافَقُوا فَصَلَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الظُّهْر بِأَرْبَعِ رَكَعَات بِرُكُوعِهِمْ وَسُجُودهمْ وَقِيَامهمْ مَعًا جَمِيعًا فَهَمَّ بِهِمْ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَى أَمْتِعَتهمْ وَأَثْقَالهمْ. رُوِيَ ذَلِكَ اِبْن أَبِي حَاتِم وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ مُجَاهِد وَالسُّدِّيّ وَعَنْ جَابِر وَابْن عُمَر وَاخْتَارَ ذَلِكَ أَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ بَعْد مَا حَكَاهُ مِنْ الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ وَهُوَ الصَّوَاب . وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي فُدَيْك حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ أُمَيَّة بْن عَبْد اللَّه بْن خَالِد بْن أُسَيْد أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّه بْن عُمَر : إِنَّا نَجِد فِي كِتَاب اللَّه قَصْر صَلَاة الْخَوْف وَلَا نَجِد قَصْر صَلَاة الْمُسَافِر فَقَالَ عَبْد اللَّه : إِنَّا وَجَدْنَا نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَل عَمَلًا عَمَلنَا بِهِ فَقَدْ سَمَّى صَلَاة الْخَوْف مَقْصُورَة وَحَمَلَ الْآيَة عَلَيْهَا لَا عَلَى قَصْر صَلَاة الْمُسَافِر وَأَقَرَّهُ اِبْن عُمَر عَلَى ذَلِكَ وَاحْتَجَّ عَلَى قَصْر الصَّلَاة فِي السَّفَر بِفِعْلِ الشَّارِع لَا بِنَصِّ الْقُرْآن وَأَصْرَح مِنْ هَذَا مَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير أَيْضًا . حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْوَلِيد الْقُرَشِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ سِمَاك الْحَنَفِيّ قَالَ سَأَلْت اِبْن عُمَر عَنْ صَلَاة السَّفَر فَقَالَ : رَكْعَتَانِ تَمَام غَيْر قَصْر إِنَّمَا الْقَصْر فِي صَلَاة الْمَخَافَة فَقُلْت وَمَا صَلَاة الْمَخَافَة ؟ فَقَالَ : يُصَلِّي الْإِمَام بِطَائِفَةٍ رَكْعَة ثُمَّ يَجِيء هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَان هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ إِلَى مَكَان هَؤُلَاءِ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَة فَيَكُون لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ وَلِكُلِّ طَائِفَة رَكْعَة رَكْعَة.
كتب عشوائيه
- هل اكتشفت الحقيقة حوله صلى الله عليه وسلم؟كتيب رائع يتحدث عن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - من جوانب متعددة. يذكر الكتاب بعضًا من تعاليمه ويعطي لمحة لحياته وصفاته. إضافة إلى ذلك يبين ما قالته الكتب المقدسة عنه. يذكر أيضًا أقوالا لبعض أصحاب العلوم المختلفة عنه - صلى الله عليه وسلم - مادحين ومعجبين بسمو صفاته وكمال شريعته.
المؤلف : Naji Ibrahim al-Arfaj
الناشر : http://www.mercyprophet.org
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/320812
- القدرالقدر: الإيمان بالقضاء والقدر ركنٌ من أركان الإيمان، فلا يتم إيمان العبد حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليُخطِئَه، وأن ما أخطأه لم يكن ليُصيبه، وفي هذه الرسالة بيان هذا الركن بالأدلة من الكتاب والسنة النبوية.
المؤلف : Abu Ameenah Bilal Philips
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/318529
- زاد الداعية إلى الله-
المؤلف : Muhammad ibn Saleh al-Othaimeen
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/51841
- القرآن الكريم وترجمة معانيه إلى اللغة الإنجليزيةالقرآن الكريم وترجمة معانيه إلى اللغة الإنجليزية: القرآن الكريم، وفي حاشيته معاني الآيات مترجمة إلى اللغة الإنجليزية، قام بترجمة معانيه كلٌّ من: محمد محسن خان، وتقي الدين الهلالي.
المترجم : Muhammad Muhsin Khan - Taqi-ud-Deen Hilaali
الناشر : http://www.qurancomplex.org - King Fahd Complex For Printing The Holy Quran Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1237
- الزكاة
المؤلف : Abdul Aziz bin Abdullah bin Baz
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1269