القرآن الكريم للجميع » تفسير ابن كثر » سورة الأحزاب
وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) (الأحزاب) 

يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ الْأَحْزَاب لَمَّا أَجْلَاهُمْ عَنْ الْمَدِينَة بِمَا أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ الرِّيح وَالْجُنُود الْإِلَهِيَّة وَلَوْ أَنَّ اللَّه جَعَلَ رَسُوله رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ لَكَانَتْ هَذِهِ الرِّيح عَلَيْهِمْ أَشَدّ مِنْ الرِّيح الْعَقِيم الَّتِي أَرْسَلَهَا عَلَى عَادٍ وَلَكِنْ قَالَ تَعَالَى " وَمَا كَانَ اللَّه لِيُعَذِّبهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ " سَلَّطَ عَلَيْهِمْ هَوَاء فَرَّقَ شَمْلهمْ كَمَا كَانَ سَبَب اِجْتِمَاعهمْ مِنْ الْهَوَى وَهُمْ أَخْلَاط مِنْ قَبَائِل شَتَّى أَحْزَاب وَآرَاء فَنَاسَبَ أَنْ يُرْسِل عَلَيْهِمْ الْهَوَاء الَّذِي فَرَّقَ جَمَاعَتهمْ وَرَدَّهُمْ خَائِبِينَ خَاسِرِينَ بِغَيْظِهِمْ وَحَنَقهمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا لَا فِي الدُّنْيَا مِمَّا كَانَ فِي أَنْفُسهمْ مِنْ الظَّفَر وَالْمَغْنَم وَلَا فِي الْآخِرَة بِمَا تَحَمَّلُوهُ مِنْ الْآثَام فِي مُبَارَزَة الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَدَاوَةِ وَهَمّهمْ بِقَتْلِهِ وَاسْتِئْصَال جَيْشه وَمَنْ هَمَّ بِشَيْءٍ وَصَدَّقَ هَمَّهُ بِفِعْلِهِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة كَفَاعِلِهِ . وَقَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال " أَيْ لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى مُنَازَلَتهمْ وَمُبَارَزَتهمْ حَتَّى يُجْلُوهُمْ عَنْ بِلَادهمْ بَلْ كَفَى اللَّه وَحْده وَنَصَرَ عَبْده وَأَعَزّ جُنْده وَلِهَذَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده صَدَقَ وَعْده وَنَصَرَ عَبْده وَأَعَزّ جُنْده وَهَزَمَ الْأَحْزَاب وَحْده فَلَا شَيْء بَعْده " أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : دَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَحْزَاب فَقَالَ " اللَّهُمَّ مُنَزِّل الْكِتَاب سَرِيع الْحِسَاب اِهْزِمْ الْأَحْزَاب اللَّهُمَّ اِهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ " وَفِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ " وَكَفَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال " إِشَارَة إِلَى وَضْع الْحَرْب بَيْنهمْ وَبَيْن قُرَيْش وَهَكَذَا وَقَعَ بَعْدهَا لَمْ يَغْزُهُمْ الْمُشْرِكُونَ بَلْ غَزَاهُمْ الْمُسْلِمُونَ فِي بِلَادهمْ قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق لَمَّا اِنْصَرَفَ أَهْل الْخَنْدَق عَنْ الْخَنْدَق قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا " لَنْ تَغْزُوكُمْ قُرَيْش بَعْد عَامكُمْ هَذَا وَلَكِنَّكُمْ تَغْزُونَهُمْ " فَلَمْ تَغْزُ قُرَيْش بَعْد ذَلِكَ وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ يَغْزُوهُمْ بَعْد ذَلِكَ حَتَّى فَتَحَ اللَّه تَعَالَى مَكَّة . وَهَذَا الْحَدِيث الَّذِي ذَكَرَهُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق حَدِيث صَحِيح كَمَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَان حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاق قَالَ سَمِعْت سُلَيْمَان بْن صُرَد رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْأَحْزَاب " الْآن نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَا " وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث الثَّوْرِيّ وَإِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق بِهِ وَقَوْله تَعَالَى " وَكَانَ اللَّه قَوِيًّا عَزِيزًا " أَيْ بِحَوْلِهِ وَقُوَّته رَدَّهُمْ خَائِبِينَ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَأَعَزّ اللَّه الْإِسْلَام وَأَهْله وَصَدَقَ وَعْده وَنَصَرَ رَسُوله وَعَبْده فَلَهُ الْحَمْد وَالْمِنَّة .
كتب عشوائيه
- ترجمة معاني القرآن الكريم (لغير المسلمين)ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية، وهي الأنسب لغير المسلمين، إذ تتميز بالسهولة والوضوح في الألفاظ والمعاني.
الناشر : http://www.islambasics.com - Islam Basics Website - Sahih International
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/78592
- إقامه البرهان في الرد على من أنكر خروج المهدي والدجال ونزول المسيح في آخر الزمان-
المؤلف : Hammoud Ibn Abdullah Ibn Hammoud At-Tuwayjri
المترجم : Abdul Qaadir Abdul Khaaliq
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/51796
- ما لا بد من معرفته عن الإسلام عقيدة وعبادة وأخلاقاًما لا بد من معرفته عن الإسلام عقيدة وعبادة وأخلاقاً : إن العلم النافع والعمل الصالح هما مفتاح السعادة وأساس النجاة للعبد في معاشه ومعاده، ومن رزقه الله علماً نافعاً ووفقه لعمل صالح فقد حاز الخير، وحظي بسعادة الدارين، وإذا أكمل المسلم ذلك بنشر العلم وبذله للناس فقد كملت منه معاني الخير وأمارات الصلاح، وأصبح كالغيث أينما حل نفع، وهكذا عاش العلماء العاملون في كل عصر ومصر. وهذا الكتاب يحتوي على ما لابد للمسلم منه بأسلوب سهل مبسط وباختصار شديد في العقيدة والعبادات والآداب والأخلاق وغيرها، يستطيع القارئ له أن يكون لديه فكرة واضحة عن دين الإسلام، ويجد فيه الداخل في دين الإسلام، مرجعاً أوليّاً في أحكامه وآدابه وأوامره ونواهيه.
المؤلف : Muhammad Bin Ali Al-Arfaj
الناشر : http://www.dar-alsalam.com - Darussalam Publications Website
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/69970
- القرآن الكريم والعلم الحديثالقرآن الكريم والعلم الحديث: هذا الكتاب يبين العلم الحديث في ضوء القرآن الكريم و السنة النبوية.
المؤلف : Maurice Bucaille
المدقق/المراجع : Abu Ameenah Bilal Philips
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/93257
- كيف نؤمن باليوم الآخر؟من أركان الإيمان التي لا يتم إيمان المرء بدونها الإيمان باليوم الآخر. وقد أخفى الله عن عباده وقت قيام الساعة وذلك لحكم جليلة، ولكن وضع لها علامات تدل على قرب مجيئها لكي يستعد المسلم لذلك اليوم، وفي هذا الكتاب العديد من المواد التي بينت هذا الموضوع.
المؤلف : Muhammad ibn Saleh al-Othaimeen
المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof
الناشر : A website Quran and Sunnah : http://www.qsep.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/373675