القرآن الكريم » تفسير القرطبي » سورة المطففين
وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) (المطففين)
سُورَة الْمُطَفِّفِينَ مَكِّيَّة قَالَ مُقَاتِل : وَهِيَ أَوَّل سُورَة نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : مَدَنِيَّة إِلَّا ثَمَانِي آيَات مِنْ قَوْله : " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا " إِلَى آخِرهَا , مَكِّيّ . وَقَالَ الْكَلْبِيّ وَجَابِر بْن زَيْد : نَزَلَتْ بَيْن مَكَّة وَالْمَدِينَة . وَفِيهِ أَرْبَع مَسَائِل : الْأُولَى : رَوَى النَّسَائِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة كَانُوا مِنْ أَخْبَث النَّاس كَيْلًا , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ " فَأَحْسَنُوا الْكَيْل بَعْد ذَلِكَ . قَالَ الْفَرَّاء : فَهُمْ مِنْ أَوْفَى النَّاس كَيْلًا إِلَى يَوْمهمْ هَذَا . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا قَالَ : هِيَ : أَوَّل سُورَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَة نَزَلَ الْمَدِينَة , وَكَانَ هَذَا فِيهِمْ ; كَانُوا إِذَا اِشْتَرَوْا اِسْتَوْفَوْا بِكَيْلٍ رَاجِح , فَإِذَا بَاعُوا بَخَسُوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان , فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَة اِنْتَهَوْا , فَهُمْ أَوْفَى النَّاس كَيْلًا إِلَى يَوْمهمْ هَذَا . وَقَالَ قَوْم : نَزَلَتْ فِي رَجُل يُعْرَف بِأَبِي جُهَيْنَة , وَاسْمه عَمْرو ; كَانَ لَهُ صَاعَانِ يَأْخُذ بِأَحَدِهِمَا , وَيُعْطِي بِالْآخَرِ ; قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . الثَّانِيَة : قَوْله تَعَالَى : " وَيْل " أَيْ شِدَّة عَذَاب فِي الْآخِرَة . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : إِنَّهُ وَادٍ فِي جَهَنَّم يَسِيل فِيهِ صَدِيد . أَهْل النَّار , فَهُوَ قَوْله تَعَالَى : " وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ " أَيْ الَّذِينَ يَنْقُصُونَ مَكَايِيلَهُمْ وَمَوَازِينهمْ . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : الْمُطَفِّف : الرَّجُل يَسْتَأْجِر الْمِكْيَال وَهُوَ يَعْلَم أَنَّهُ يَحِيف فِي كَيْله فَوِزْره عَلَيْهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : التَّطْفِيف فِي الْكَيْل وَالْوَزْن وَالْوُضُوء وَالصَّلَاة وَالْحَدِيث . فِي الْمُوَطَّأ قَالَ مَالِك : وَيُقَال لِكُلِّ شَيْء وَفَاء وَتَطْفِيف . وَرُوِيَ عَنْ سَالِم اِبْن أَبِي الْجَعْد قَالَ : الصَّلَاة بِمِكْيَالٍ , فَمَنْ أَوْفَى لَهُ وَمَنْ طَفَّفَ فَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ : " وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ " . الثَّالِثَة : قَالَ أَهْل اللُّغَة : الْمُطَفِّف مَأْخُوذ مِنْ الطَّفِيف , وَهُوَ الْقَلِيل , وَالْمُطَفِّف هُوَ الْمُقِلّ حَقّ صَاحِبه بِنُقْصَانِهِ عَنْ الْحَقّ , فِي كَيْل أَوْ وَزْن . وَقَالَ الزَّجَّاج : إِنَّمَا قِيلَ لِلْفَاعِلِ مِنْ هَذَا مُطَفِّف ; لِأَنَّهُ لَا يَكَاد يَسْرِق مِنْ الْمِكْيَال وَالْمِيزَان إِلَّا الشَّيْء الطَّفِيف الْخَفِيف , وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْ طَفَّ الشَّيْء وَهُوَ جَانِبه . وَطِفَاف الْمَكُّوك وَطَفَافه بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح : مَا مَلَأَ أَصْبَاره , وَكَذَلِكَ طَفُّ الْمَكُّوك وَطَفَفُهُ ; وَفِي الْحَدِيث : ( كُلّكُمْ بَنُو آدَم طَفّ الصَّاع لَمْ تَمْلَئُوهُ ) . وَهُوَ أَنْ يَقْرُب أَنْ يَمْتَلِئ فَلَا يَفْعَل , وَالْمَعْنَى بَعْضكُمْ مِنْ بَعْض قَرِيب , فَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَد فَضْل إِلَّا بِالتَّقْوَى . وَالطُّفَاف وَالطُّفَافَة بِالضَّمِّ : مَا فَوْق الْمِكْيَال . وَإِنَاء طُفَاف : إِذَا بَلَغَ الْمِلْء طُفَافه ; تَقُول مِنْهُ : أَطَفَفْت . وَالتَّطْفِيف : نَقْص الْمِكْيَال وَهُوَ أَلَّا تَمْلَأهُ إِلَى أَصْبَاره , أَيْ جَوَانِبه ; يُقَال : أَدَهَقْت الْكَأْس إِلَى أَصْبَارهَا أَيْ إِلَى رَأْسِهَا . وَقَوْل اِبْن عُمَر حِين ذَكَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَقَ الْخَيْل : كُنْت فَارِسًا يَوْمئِذٍ فَسَبَقْت النَّاس حَتَّى طَفَّفَ بِي الْفَرَس مَسْجِد بَنِي زُرَيْق , حَتَّى كَادَ يُسَاوِي الْمَسْجِد . يَعْنِي : وَثَبَ بِي . الرَّابِعَة : الْمُطَفِّف : هُوَ الَّذِي يُخْسِر فِي الْكَيْل وَالْوَزْن , وَلَا يُوفِي حَسْب مَا بَيَّنَّاهُ ; وَرَوَى اِبْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك : أَنَّهُ قَرَأَ " وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ " فَقَالَ : لَا تُطَفِّف وَلَا تَخْلُب , وَلَكِنْ أَرْسِلْ وَصُبَّ عَلَيْهِ صَبًّا , حَتَّى إِذَا اِسْتَوْفَى أَرْسِلْ يَدك وَلَا تُمْسِكْ . وَقَالَ عَبْد الْمَلِك بْن الْمَاجِشُون : نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَسْح الطُّفَاف , وَقَالَ : إِنَّ الْبَرَكَة فِي رَأْسه . قَالَ : وَبَلَغَنِي أَنَّ كَيْل فِرْعَوْن كَانَ مَسْحًا بِالْحَدِيدِ .
كتب عشوائيه
- تذكرة المُؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسيتذكِرةُ المُؤتَسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذا شرحٌ مُبسَّط، وبيانٌ مُيسَّر لكتاب الحافظ أبي محمد تقيِّ الدين عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي الجمَّاعيلي الصالحي - رحمه الله -، الذي ألَّفه في بيان المعتقد الحق: معتقد أهل السنة والجماعة».
المؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر
الناشر : موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/344686
- نور البصائر والألباب في أحكام العبادات والمعاملات والحقوق والآدابنور البصائر والألباب في أحكام العبادات والمعاملات والحقوق والآداب : كتاب مختصر في أبواب الفقه عامة وفصولا مهمة في الآداب والحقوق صاغه بعبارة موجزة سهلة يشترك في فهمها الجميع مقتصرا على القول الراجح دون تعرض للخلاف، ويتميز أيضا بأنه يعد من أواخر ما صنف حيث فرغ منه قبل وفاته بعامين تقريبا. اعتنى به : الشيخ خالد بن عثمان السبت - أثابه الله -.
المؤلف : عبد الرحمن بن ناصر السعدي
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/205538
- تعبدي لله بهذاتعبدي لله بهذا: فإن الله - عز وجل - أمرنا بعبادته وطاعته، حتى ننال الأجر والمثوبة، ندرأ عن أنفسنا العذاب والعقاب. وهذه الرسالة تُقدِّم للأخت المسلمة بعضًا من الأمور التي تحرص على أن تتعبد الله - عز وجل - بها في كل حين.
المؤلف : عبد الملك القاسم
الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/345928
- كتاب العلمكتاب العلم : يحتوي على نصائح وتوجيهات في منهجية طلب العلم.
المؤلف : محمد بن صالح العثيمين
الناشر : موقع الإسلام http://www.al-islam.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/144939
- الخطب المنبريةهذه الرسالة تحتوي على بعض خطب الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -.
المؤلف : محمد بن عبد الوهاب
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/264195