خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (1) (الأنفال) mp3
سُورَة الْأَنْفَال : مَدَنِيَّة بَدْرِيَّة فِي قَوْل الْحَسَن وَعِكْرِمَة وَجَابِر وَعَطَاء . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : هِيَ مَدَنِيَّة إِلَّا سَبْع آيَات , مِنْ قَوْله تَعَالَى : " وَإِذْ يَمْكُر بِك الَّذِينَ كَفَرُوا " إِلَى آخِر السَّبْع آيَات . فِيهِ سِتّ مَسَائِل :

الْأُولَى : رَوَى عُبَادَة بْن الصَّامِت قَالَ : خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْر فَلَقُوا الْعَدُوَّ ; فَلَمَّا هَزَمَهُمْ اللَّه اِتَّبَعَتْهُمْ طَائِفَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُونَهُمْ , وَأَحْدَقَتْ طَائِفَة بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَاسْتَوْلَتْ طَائِفَة عَلَى الْعَسْكَر وَالنَّهْب ; فَلَمَّا نَفَى اللَّه الْعَدُوَّ وَرَجَعَ الَّذِينَ طَلَبُوهُمْ قَالُوا : لَنَا النَّفْل , نَحْنُ الَّذِينَ طَلَبنَا الْعَدُوَّ وَبِنَا نَفَاهُمْ اللَّه وَهَزَمَهُمْ . وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَنْتُمْ أَحَقّ بِهِ مِنَّا , بَلْ هُوَ لَنَا , نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يَنَال الْعَدُوّ مِنْهُ غِرَّة . وَقَالَ الَّذِينَ اسْتَلْوَوْا عَلَى الْعَسْكَر وَالنَّهْب : مَا أَنْتُمْ بِأَحَقّ مِنَّا , هُوَ لَنَا , نَحْنُ حَوَيْنَاهُ وَاسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهِ ; فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : " يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال . قُلْ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُول فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " . فَقَسَمَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فُوَاقٍ بَيْنهمْ . قَالَ أَبُو عُمَر : قَالَ أَهْل الْعِلْم بِلِسَانِ الْعَرَب : اسْتَلْوَوْا أَطَافُوا وَأَحَاطُوا ; يُقَال : الْمَوْت مُسْتَلْوٍ عَلَى الْعِبَاد . وَقَوْله : " فَقَسَمَهُ عَلَى فُوَاقٍ " يَعْنِي عَنْ سُرْعَة . قَالُوا : وَالْفُوَاق مَا بَيْن حَلْبَتَيْ النَّاقَة . يُقَال : اِنْتَظَرَهُ فُوَاق نَاقَة , أَيْ هَذَا الْمِقْدَار . وَيَقُولُونَهَا بِالضَّمِّ وَالْفَتْح : فُوَاق وَفَوَاق . وَكَانَ هَذَا قَبْل أَنْ يَنْزِل : " وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ " [ الْأَنْفَال : 41 ] الْآيَة . وَكَأَنَّ الْمَعْنَى عِنْد الْعُلَمَاء : أَيْ إِلَى اللَّه وَإِلَى الرَّسُول الْحُكْم فِيهَا وَالْعَمَل بِهَا بِمَا يُقَرِّب مِنْ اللَّه تَعَالَى . وَذَكَرَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث وَغَيْره مِنْ أَصْحَابنَا عَنْ سُلَيْمَان بْن مُوسَى الْأَشْدَق عَنْ مَكْحُول عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ قَالَ : سَأَلْت عُبَادَة بْن الصَّامِت عَنْ الْأَنْفَال فَقَالَ : فِينَا مَعْشَر أَصْحَاب بَدْر نَزَلَتْ حِين اِخْتَلَفْنَا فِي النَّفْل , وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقنَا , فَنَزَعَهُ اللَّه مِنْ أَيْدِينَا وَجَعَلَهُ إِلَى الرَّسُول , فَقَسَمَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَوَاء . يَقُول : عَلَى السَّوَاء . فَكَانَ ذَلِكَ تَقْوَى اللَّه وَطَاعَة رَسُوله وَصَلَاح ذَات الْبَيْن وَرُوِيَ فِي الصَّحِيح عَنْ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص قَالَ : اِغْتَنَمَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنِيمَة عَظِيمَة , فَإِذَا فِيهَا سَيْف , فَأَخَذْته فَأَتَيْت بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت : نَفِّلْنِي هَذَا السَّيْفَ , فَأَنَا مَنْ قَدْ عَلِمْت حَاله . قَالَ : " رُدَّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْته " فَانْطَلَقْت حَتَّى أَرَدْت أَنْ أُلْقِيَهُ فِي الْقَبَض لَامَتْنِي نَفْسِي فَرَجَعْت إِلَيْهِ فَقُلْت : أَعْطِنِيهِ . قَالَ : فَشَدَّ لِي صَوْته " رُدَّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْته " فَانْطَلَقْت حَتَّى أَرَدْت أَنْ أُلْقِيَهُ فِي الْقَبَض لَامَتْنِي نَفْسِي فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ فَقُلْت : أَعْطِنِيهِ , قَالَ : فَشَدَّ لِي صَوْتَهُ " رُدَّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْته " فَأَنْزَلَ اللَّه " يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال " . لَفْظ مُسْلِم . وَالرِّوَايَات كَثِيرَة , وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَة , وَاَللَّه الْمُوَفِّق لِلْهِدَايَةِ .

الثَّانِيَة : الْأَنْفَال وَاحِدهَا نَفَل بِتَحْرِيكِ الْفَاء ; قَالَ : إِنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرُ نَفَلْ وَبِإِذْنِ اللَّهِ رَيْثِي وَالْعَجَلْ

أَيْ خَيْر غَنِيمَة . وَالنَّفْل : الْيَمِين ; وَمِنْهُ الْحَدِيث " فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُود بِنَفْلِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ " . وَالنَّفْل الِانْتِفَاء ; وَمِنْهُ الْحَدِيث " فَانْتَفَلَ مِنْ وَلَدهَا " . وَالنَّفَل : نَبْت مَعْرُوف . وَالنَّفْل : الزِّيَادَة عَلَى الْوَاجِب , وَهُوَ التَّطَوُّع . وَوَلَد الْوَلَد نَافِلَة ; لِأَنَّهُ زِيَادَة عَلَى الْوَلَد . وَالْغَنِيمَة نَافِلَة ; لِأَنَّهَا زِيَادَة فِيمَا أَحَلَّ اللَّه لِهَذِهِ الْأُمَّة مِمَّا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى غَيْرهَا . قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فُضِّلْت عَلَى الْأَنْبِيَاء بِسِتٍّ - وَفِيهَا - وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِم " . وَالْأَنْفَال : الْغَنَائِم أَنْفُسهَا . قَالَ عَنْتَرَة : إِنَّا إِذَا اِحْمَرَّ الْوَغَى نَرْوِي اِلْقَنَا وَنَعِفُّ عِنْدَ مَقَاسِمِ الْأَنْفَالِ أَيْ الْغَنَائِم .

الثَّالِثَة : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَحِلّ الْأَنْفَال عَلَى أَرْبَعَة أَقْوَال : الْأَوَّل : مَحِلّهَا فِيمَا شُدَّ عَنْ الْكَافِرِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ أُخِذَ بِغَيْرِ حَرْب . الثَّانِي : مَحِلّهَا الْخُمُس . الثَّالِث : خُمُس الْخُمُس . الرَّابِع : رَأْس الْغَنِيمَة ; حَسْب مَا يَرَاهُ الْإِمَام . وَمَذْهَب مَالِك رَحِمَهُ اللَّه أَنَّ الْأَنْفَالَ مَوَاهِب الْإِمَام مِنْ الْخُمُس , عَلَى مَا يَرَى مِنْ الِاجْتِهَاد , وَلَيْسَ فِي الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس نَفَل , وَإِنَّمَا لَمْ يَرَ النَّفْل مِنْ رَأْس الْغَنِيمَة لِأَنَّ أَهْلهَا مُعَيَّنُونَ وَهُمْ الْمُوجِفُونَ , وَالْخُمُس مَرْدُود قَسْمه إِلَى اِجْتِهَاد الْإِمَام . وَأَهْله غَيْر مُعَيَّنِينَ . قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا لِيَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُس وَالْخُمُس مَرْدُود عَلَيْكُمْ " . فَلَمْ يُمْكِن بَعْدَ هَذَا أَنْ يَكُون النَّفْل مِنْ حَقّ أَحَد , وَإِنَّمَا يَكُون مِنْ حَقّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْخُمُس . هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ مَذْهَبه وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خُمُس الْخُمُس . وَهُوَ قَوْل اِبْن الْمُسَيِّب وَالشَّافِعِيّ وَأَبِي حَنِيفَة . وَسَبَب الْخِلَاف حَدِيث اِبْن عُمَر , رَوَاهُ مَالِك قَالَ : بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّة قِبَلَ نَجْد فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَة , وَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ اِثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا ; وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا . هَكَذَا رَوَاهُ مَالِك عَلَى الشَّكّ فِي رِوَايَة يَحْيَى عَنْهُ , وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَة رُوَاة الْمُوَطَّأ إِلَّا الْوَلِيد بْن مُسْلِم فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِك عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر , فَقَالَ فِيهِ : فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ اِثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا , وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا . وَلَمْ يَشُكّ . وَذَكَرَ الْوَلِيد بْن مُسْلِم وَالْحَكَم بْن نَافِع عَنْ شُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : بَعَثَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَيْش قِبَلَ نَجْد - فِي رِوَايَة الْوَلِيد : أَرْبَعَة آلَاف - وَانْبَعَثَتْ سَرِيَّة مِنْ الْجَيْش - فِي رِوَايَة الْوَلِيد : فَكُنْت مِمَّنْ خَرَجَ فِيهَا - فَكَانَ سُهْمَان الْجَيْش اِثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا , اِثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا ; وَنَفَّلَ أَهْل السَّرِيَّة بَعِيرًا بَعِيرًا ; فَكَانَ سُهْمَانُهُمْ ثَلَاثَة عَشَرَ بَعِيرًا ; ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ . فَاحْتَجَّ بِهَذَا مَنْ يَقُول : إِنَّ النَّفْلَ إِنَّمَا يَكُون مِنْ جُمْلَة الْخُمُس . وَبَيَانه أَنَّ هَذِهِ السَّرِيَّة لَوْ نُزِّلَتْ عَلَى أَنَّ أَهْلهَا كَانُوا عَشَرَة مَثَلًا أَصَابُوا فِي غَنِيمَتهمْ مِائَة وَخَمْسِينَ , أَخْرَجَ مِنْهَا خُمُسَهَا ثَلَاثِينَ وَصَارَ لَهُمْ مِائَة وَعِشْرُونَ , قُسِمَتْ عَلَى عَشْرَة وَجَبَ لِكُلِّ وَاحِد اِثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا , اِثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا , ثُمَّ أُعْطِيَ الْقَوْم مِنْ الْخُمُس بَعِيرًا بَعِيرًا ; لِأَنَّ خُمُس الثَّلَاثِينَ لَا يَكُون فِيهِ عَشَرَة أَبْعِرَة . فَإِذَا عَرَفْت مَا لِلْعَشَرَةِ عَرَفْت مَا لِلْمِائَةِ وَالْأَلْف وَأَزْيَدَ . وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ خُمُس الْخُمُس بِأَنْ قَالَ : جَائِز أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ثِيَاب تُبَاع وَمَتَاع غَيْر الْإِبِل , فَأَعْطَى مَنْ لَمْ يَبْلُغهُ الْبَعِير قِيمَة الْبَعِير مِنْ تِلْكَ الْعُرُوض . وَمِمَّا يُعَضِّد هَذَا مَا رَوَى مُسْلِم فِي بَعْض طُرُق هَذَا الْحَدِيث : فَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا ; الْحَدِيث . وَذَكَرَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الْأَمِيرَ نَفَّلَهُمْ قَبْل الْقَسْم , وَهَذَا يُوجِب أَنْ يَكُونَ النَّفْل مِنْ رَأْس الْغَنِيمَة , وَهُوَ خِلَاف قَوْل مَالِك . وَقَوْل مَنْ رَوَى خِلَافَهُ أَوْلَى لِأَنَّهُمْ حُفَّاظ ; قَالَهُ أَبُو عُمَر رَحِمَهُ اللَّه . وَقَالَ مَكْحُول وَالْأَوْزَاعِيّ : لَا يُنَفَّلُ بِأَكْثَر مِنْ الثُّلُث ; وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور مِنْ الْعُلَمَاء . قَالَ الْأَوْزَاعِيّ : فَإِنْ زَادَهُمْ فَلْيَفِ لَهُمْ وَيَجْعَل ذَلِكَ مِنْ الْخُمُس . وَقَالَ الشَّافِعِيّ : لَيْسَ فِي النَّفْل حَدّ لَا يَتَجَاوَزهُ الْإِمَام .

الرَّابِعَة : وَدَلَّ حَدِيث اِبْن عُمَر عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْوَلِيد وَالْحَكَم عَنْ شُعَيْب عَنْ نَافِع أَنَّ السَّرِيَّة إِذَا خَرَجَتْ مِنْ الْعَسْكَر فَغَنِمَتْ أَنَّ الْعَسْكَرَ شُرَكَاؤُهُمْ . وَهَذِهِ مَسْأَلَة وَحُكْم لَمْ يَذْكُرهُ فِي الْحَدِيث غَيْر شُعَيْب عَنْ نَافِع , وَلَمْ يَخْتَلِف الْعُلَمَاء فِيهِ , وَالْحَمْد لِلَّهِ .

الْخَامِسَة : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْإِمَام يَقُول قَبْل الْقِتَال : مَنْ هَدَمَ كَذَا مِنْ الْحِصْن فَلَهُ كَذَا , وَمَنْ بَلَغَ إِلَى مَوْضِع كَذَا فَلَهُ كَذَا , وَمَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ كَذَا , وَمَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ فَلَهُ كَذَا ; يُضَرِّيهِمْ . فَرُوِيَ عَنْ مَالِك أَنَّهُ كَرِهَهُ . وَقَالَ : هُوَ قِتَال عَلَى الدُّنْيَا . وَكَانَ لَا يُجِيزهُ . قَالَ الثَّوْرِيّ : ذَلِكَ جَائِز وَلَا بَأْس بِهِ .

قُلْت : وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْمَعْنَى مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كَذَا " . الْحَدِيث بِطُولِهِ . وَفِي رِوَايَة عِكْرِمَة عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا وَأَتَى مَكَان كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا " . فَتَسَارَعَ الشُّبَّان وَثَبَتَ الشُّيُوخ مَعَ الرَّايَات ; فَلَمَّا فُتِحَ لَهُمْ جَاءَ الشُّبَّان يَطْلُبُونَ مَا جَعَلَ لَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ الْأَشْيَاخ : لَا تَذْهَبُونَ بِهِ دُوننَا , فَقَدْ كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ ; فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنكُمْ " ذَكَرَهُ إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق أَيْضًا . وَرُوِيَ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب أَنَّهُ قَالَ لِجَرِيرِ بْن عَبْد اللَّه الْبَجَلِيّ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ فِي قَوْمه وَهُوَ يُرِيد الشَّأْم : هَلْ لَك أَنْ تَأْتِيَ الْكُوفَةَ وَلَك الثُّلُث بَعْد الْخُمُس مِنْ كُلّ أَرْض وَسَبْي ؟ . وَقَالَ بِهَذَا جَمَاعَة فُقَهَاء الشَّأْم : الْأَوْزَاعِيّ وَمَكْحُول وَابْن حَيْوَةَ وَغَيْرهمْ . وَرَأَوْا الْخُمُس مِنْ جُمْلَة الْغَنِيمَة , وَالنَّفْل بَعْد الْخُمُس ثُمَّ الْغَنِيمَة بَيْن أَهْل الْعَسْكَر ; وَبِهِ قَالَ إِسْحَاق وَأَحْمَد وَأَبُو عُبَيْد . قَالَ أَبُو عُبَيْد : وَالنَّاس الْيَوْم عَلَى أَنْ لَا نَفْلَ مِنْ جِهَة الْغَنِيمَة حَتَّى تُخَمَّس . وَقَالَ مَالِك : لَا يَجُوز أَنْ يَقُولَ الْإِمَام لِسَرِيَّةٍ : مَا أَخَذْتُمْ فَلَكُمْ ثُلُثه . قَالَ سَحْنُون : يُرِيد اِبْتِدَاء . فَإِنْ نَزَلَ مَضَى , وَلَهُمْ أَنْصِبَاؤُهُمْ فِي الْبَاقِي . وَقَالَ سَحْنُون : إِذَا قَالَ الْإِمَام لِسَرِيَّةٍ مَا أَخَذْتُمْ فَلَا خُمُس عَلَيْكُمْ فِيهِ ; فَهَذَا لَا يَجُوز , فَإِنْ نَزَلَ رَدَدْته ; لِأَنَّ هَذَا حُكْم شَاذّ لَا يَجُوز وَلَا يُمْضَى .

السَّادِسَة : وَاسْتَحَبَّ مَالِك رَحِمَهُ اللَّه أَلَّا يُنَفِّل الْإِمَام إِلَّا مَا يَظْهَر كَالْعِمَامَةِ وَالْفَرَس وَالسَّيْف . وَمَنَعَ بَعْض الْعُلَمَاء أَنْ يُنَفِّل الْإِمَام ذَهَبًا أَوْ فِضَّة أَوْ لُؤْلُؤًا وَنَحْوه . وَقَالَ بَعْضهمْ : النَّفْل جَائِز مِنْ كُلّ شَيْء . وَهُوَ الصَّحِيح لِقَوْلِ عُمَر وَمُقْتَضَى الْآيَة , وَاَللَّه أَعْلَم .



أَمْر بِالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاح , أَيْ كُونُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَمْر اللَّه فِي الدُّعَاء : اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ الْبَيْن , أَيْ الْحَال الَّتِي يَقَع بِهَا الِاجْتِمَاع . فَدَلَّ هَذَا عَلَى التَّصْرِيح بِأَنَّهُ شَجَرَ بَيْنهمْ اِخْتِلَاف , أَوْ مَالَتْ النُّفُوس إِلَى التَّشَاحّ ; كَمَا هُوَ مَنْصُوص فِي الْحَدِيث . وَتَقَدَّمَ مَعْنَى التَّقْوَى , أَيْ اِتَّقُوا اللَّهَ فِي أَقْوَالكُمْ , وَأَفْعَالكُمْ , وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنكُمْ .



فِي الْغَنَائِم وَنَحْوهَا .



أَيْ إِنَّ سَبِيلَ الْمُؤْمِن أَنْ يَمْتَثِل مَا ذَكَرْنَا . وَقِيلَ : " إِنْ " بِمَعْنَى " إِذْ " .

كتب عشوائيه

  • وأحسن كما أحسن الله إليكوأحسن كما أحسن الله إليك: قال المصنف - حفظه الله -: «تعتري الإنسان في هذه الدنيا هموم وغموم وكرب ومصائب؛ يحتاج فيها إلى الأخ المعين والصديق المخلص، والموفق من سخره الله - عز وجل - في خدمة إخوانه وكشف كربهم ورفع ما نزل بهم. ولا يظن أن تفريج الكرب والإحسان إلى الناس خاص بأصحاب المال والجدة والجاه والحسب والنسب، فكل لديه هموم وعنده من الغموم. وفي هذا الكتيب جملة من أعمال البر والإحسان».

    المؤلف : عبد الملك القاسم

    الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/229626

    التحميل :

  • الطريق إلى الإمتيازالطريق إلى الإمتياز : فإن الطريق إلى الامتياز في النجاح الدراسي هو منهج له أسس وقواعد قاسمها المشترك دائمًا هو الجد والاجتهاد والطموح والمثابرة. وبقليل من التنظيم الحازم، وكثير من الجد المتواصل يستطيع الطالب – أي طالب – أن ينال مراده ويظفر بمبتغاه. فما هو الطريق إلى نيل الامتياز؟ ....

    المؤلف : القسم العلمي بدار ابن خزيمة

    الناشر : موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/265569

    التحميل :

  • الرد على شبهات حول أخطاء إملائية في القرآن الكريمالرد على شبهات حول أخطاء إملائية في القرآن الكريم: لا يزال أعداء الإسلام يكيدون للإسلام والمسلمين بشتَّى الصور والأشكال؛ وقد ادَّعوا وجود أخطاء إملائية في القرآن الكريم - مع أنهم لا يعرفون قراءة نصوص كتابهم أصلاً، وفي كتابهم ما لا يُستساغ من النصوص والعبارات -. وفي هذه الرسالة ردود مختصرة على هذه الشبهات المُثارة ضد كتاب الله - سبحانه وتعالى -: القرآن الكريم.

    المؤلف : عبد الرحمن دمشقية

    الناشر : دار المسلم للنشر والتوزيع بالرياض

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/346801

    التحميل :

  • هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في رمضانهذا الكتاب يوقفنا على صفحات مشرقة من حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيخبرنا عن حال إمام الهدى - صلى الله عليه وسلم - في فرحه بمقدم هذا الشهر الكريم، وتهيئه له، وكيف كان حاله - صلى الله عليه وسلم - فيه مع ربه الجليل تعبدا، ورقا، واجتهادا، ومداومة، مع قيامه بحق زوجاته الكريمات عشرة، وإحسانا، وتعليما، وإرشادا. إضافة إلى مهمته الكبرى مع أمة بأكملها . .؛ يعلم جاهلها، ويرشد عالمها، ويصلح حالها، ويقوم شأنها، . . لا يميل به واجب عن واجب، ولا يشغله جانب عن جانب. إنه الكمال البشري الذي يشع نورًا؛ فيرسم الأسوة، ويضع معالم القدوة، ويقيم الحجة على الخلق علماء ودعاة وعامة. فما أمس حاجتنا إلى التنعم في ظلال سيرته - صلى الله عليه وسلم -، والعيش مع أخباره، والتعرف على أحواله، وترسم هديه - صلى الله عليه وسلم - وطريقته.

    المؤلف : فيصل بن علي البعداني

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/231270

    التحميل :

  • خواطرخواطر: قال المؤلف - حفظه الله -: «فإن للكتابة والتأليف - على وجه العموم - لذةً أي لذة، كما أن في ذلك مشقة ومعاناة وكُلفة؛ إذ القريحة لا تُواتيك على كل حال؛ فتارةً تتوارد عليك الأفكار، وتتزاحم لديك الخواطر، فتسمو إليك سموَّ النفَس، وتهجم عليك هجومَ الليل إذا يغشَى. وتارةً يتبلَّد إحساسُك، وتجمُد قريحتُك، ويكون انتزاع الفكرة أشدَّ عليك من قلع الضرس. وهذه الخواطر كُتبت في أحوال متنوعة؛ فبعضُها كُتب في السفر، وبعضها في الحضر، وبعضها في الليل، وبعضها في النهار، وبعضها في الشتاء، وبعضها في الصيف ..».

    المؤلف : محمد بن إبراهيم الحمد

    الناشر : موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/355724

    التحميل :

اختر التفسير

اختر سوره

كتب عشوائيه

اختر اللغة

المشاركه

Bookmark and Share