القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الأنفال
وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) (الأنفال)
وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّه حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن بُكَيْر وَعَبْد الرَّزَّاق قَالَا : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيل عَنْ سِمَاك عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين فَرَغَ مِنْ بَدْر عَلَيْك بِالْعِيرِ لَيْسَ دُونهَا شَيْء فَنَادَاهُ الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب قَالَ عَبْد الرَّزَّاق وَهُوَ أَسِير فِي وَثَاقه إِنَّهُ لَا يَصْلُح لَك . قَالَ وَلِمَ ؟ قَالَ لِأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا وَعَدَك إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقَدْ أَعْطَاك اللَّه مَا وَعَدَك إِسْنَاد جَيِّد وَلَمْ يُخْرِجْهُ وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى " وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْر ذَات الشَّوْكَة تَكُون لَكُمْ " أَيْ يُحِبُّونَ أَنَّ الطَّائِفَة الَّتِي لَا حَدّ لَهَا وَلَا مَنَعَة وَلَا قِتَال تَكُون لَهُمْ وَهِيَ الْعِير " وَيُرِيد اللَّه أَنْ يُحِقَّ الْحَقّ بِكَلِمَاتِهِ " أَيْ هُوَ يُرِيد أَنْ يَجْمَع بَيْنكُمْ وَبَيْن الطَّائِفَة الَّتِي لَهَا الشَّوْكَة وَالْقِتَال لِيُظَفِّرَكُمْ بِهِمْ وَيَنْصُرَكُمْ عَلَيْهِمْ . وَيُظْهِر دِينَهُ وَيَرْفَع كَلِمَة الْإِسْلَام وَيَجْعَلهُ غَالِبًا عَلَى الْأَدْيَان وَهُوَ أَعْلَم بِعَوَاقِب الْأُمُور وَهُوَ الَّذِي يُدَبِّرُكُمْ بِحُسْنِ تَدْبِيره وَإِنْ كَانَ الْعِبَاد يُحِبُّونَ خِلَاف ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَر لَهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَال وَهُوَ كُرْه لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْر لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرّ لَكُمْ " وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق رَحِمَهُ اللَّه حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مُسْلِم الزُّهْرِيّ وَعَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر وَيَزِيد بْن رُومَان عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَغَيْرهمْ مِنْ عُلَمَائِنَا عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس كُلّ قَدْ حَدَّثَنِي بَعْض هَذَا الْحَدِيث فَاجْتَمَعَ حَدِيثهمْ فِيمَا سُقْت مِنْ حَدِيث بَدْر قَالُوا لَمَّا سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي سُفْيَان مُقْبِلًا مِنْ الشَّام نَدَبَ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ . وَقَالَ هَذِهِ عِير قُرَيْش فِيهَا أَمْوَالهمْ فَاخْرُجُوا إِلَيْهَا لَعَلَّ اللَّه أَنْ يُنَفِّلَكُمُوهَا فَانْتَدَبَ النَّاس فَخَفَّ بَعْضهمْ وَثَقُلَ بَعْضهمْ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَظُنُّوا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْقَى حَرْبًا وَكَانَ أَبُو سُفْيَان قَدْ اسْتَنْفَرَ حِين دَنَا مِنْ الْحِجَاز يَتَجَسَّس الْأَخْبَار . وَيَسْأَل مَنْ لَقِيَ مِنْ الرُّكْبَان تَخَوُّفًا عَلَى أَمْر النَّاس حَتَّى أَصَابَ خَبَرًا مِنْ بَعْض الرُّكْبَانِ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ اسْتَنْفَرَ أَصْحَابه لَك وَلِعِيرِك فَحَذَرَ عِنْد ذَلِكَ فَاسْتَأْجَرَ ضَمْضَم بْن عَمْرو الْغِفَارِيّ فَبَعَثَهُ إِلَى أَهْل مَكَّة وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِي قُرَيْشًا فَيَسْتَنْفِرهُمْ إِلَى أَمْوَالهمْ وَيُخْبِرهُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ عَرَضَ لَهَا فِي أَصْحَابه فَخَرَجَ ضَمْضَم بْن عَمْرو سَرِيعًا إِلَى مَكَّة وَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابه حَتَّى بَلَغَ وَادِيًا يُقَال لَهُ ذَفِرَان فَخَرَجَ مِنْهُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِهِ نَزَلَ وَأَتَاهُ الْخَبَر عَنْ قُرَيْش بِمَسِيرِهِمْ لِيَمْنَعُوا عِيرَهُمْ فَاسْتَشَارَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاس وَأَخْبَرَهُمْ عَنْ قُرَيْش فَقَامَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ فَأَحْسَنَ . ثُمَّ قَامَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ فَأَحْسَنَ . ثُمَّ قَامَ الْمِقْدَاد بْن عَمْرو فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه اِمْضِ لِمَا أَمَرَك اللَّه بِهِ فَنَحْنُ مَعَك وَاَللَّهِ لَا نَقُول لَك كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيل لِمُوسَى " فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ " وَلَكِنْ اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ فَوَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَوْ سِرْت بِنَا إِلَى بَرْك الْغِمَاد - يَعْنِي مَدِينَة الْحَبَشَة - لَجَالَدْنَا مَعَك مِنْ دُونه حَتَّى تَبْلُغَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيّهَا النَّاس " وَإِنَّمَا يُرِيد الْأَنْصَار وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا عَدَد النَّاس وَذَلِكَ أَنَّهُمْ حِين بَايَعُوهُ بِالْعَقَبَةِ قَالُوا يَا رَسُول اللَّه إِنَّا بُرَآء مِنْ ذِمَامِك حَتَّى تَصِلَ إِلَى دَارنَا فَإِذَا وَصَلْت إِلَيْنَا فَأَنْتَ فِي ذِمَامنَا نَمْنَعك مِمَّا نَمْنَع مِنْهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّف أَنْ لَا تَكُون الْأَنْصَار تَرَى عَلَيْهَا نُصْرَتَهُ إِلَّا مِمَّنْ دَهَمَهُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ عَدُوّهُ وَأَنْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسِير بِهِمْ إِلَى عَدُوّ مِنْ بِلَادهمْ فَلَمَّا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ سَعْد بْن مُعَاذ وَاَللَّهِ لَكَأَنَّك تُرِيدنَا يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : " أَجَلْ " فَقَالَ : فَقَدْ آمَنَّا بِك وَصَدَّقْنَاك وَشَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْت بِهِ هُوَ الْحَقّ وَأَعْطَيْنَاك عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَة فَامْضِ يَا رَسُول اللَّه لِمَا أَمَرَك اللَّه فَوَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إِنْ اِسْتَعْرَضْت بِنَا هَذَا الْبَحْر فَخُضْته لَخُضْنَاهُ مَعَك مَا يَتَخَلَّف مِنَّا رَجُل وَاحِد وَمَا نَكْرَه أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوَّنَا غَدًا إِنَّا لَصُبُرٌ عِنْد الْحَرْب صُدُقٌ عِنْد اللِّقَاء وَلَعَلَّ اللَّه يُرِيك مِنَّا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنك فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَة اللَّه فَسُرَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ سَعْد وَنَشَّطَهُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ : " سِيرُوا عَلَى بَرَكَة اللَّه وَأَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّه قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَاَللَّهِ لَكَأَنِّي الْآن أَنْظُر إِلَى مَصَارِع الْقَوْم " وَرَوَى الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس نَحْو هَذَا وَكَذَلِكَ قَالَ السُّدِّيّ وَقَتَادَة وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ وَغَيْر وَاحِد مِنْ عُلَمَاء السَّلَف وَالْخَلَف اِخْتَصَرْنَا أَقْوَالهمْ اِكْتِفَاء بِسِيَاقِ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق .
كتب عشوائيه
- مفاتيح الرزق في ضوء الكتاب والسنةمفاتيح الرزق في ضوء الكتاب والسنة: فإن مما يشغل بالَ كثيرٍ من المسلمين طلب الرزق، ويُلاحَظ على عدد كبير منهم أنهم يرون أن التمسُّك بالإسلام يُقلِّل من أرزاقهم! ولم يترك الخالق - سبحانه - ونبيُّه - صلى الله عليه وسلم - الأمةَ الإسلامية تتخبَّط في الظلام وتبقى في حيرةٍ من أمرها عند السعي في طلب المعيشة؛ بل شُرِعت أسبابُ الرزق وبُيِّنت، لو فهِمَتها الأمة ووَعَتْها وتمسَّكَت بها، وأحسنَتْ استخدامها يسَّر الله لها سُبُل الرزق من كل جانب. ورغبةً في تذكير وتعريف الإخوة المسلمين بتلك الأسباب، وتوجيه من أخطأ في فهمها، وتنبيه من ضلَّ منهم عن الصراط المستقيم سعيًا في طلب الرزق؛ عزمتُ - بتوفيق الله تعالى - على جمع بعض تلك الأسباب بين دفَّتَيْ هذا الكتيب.
المؤلف : فضل إلهي ظهير
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/344359
- الدليل والبرهان في تبرئة أبي هريرة رضي الله عنه من البهتانالدليل والبرهان في تبرئة أبي هريرة رضي الله عنه من البهتان : رد الشبهات التي أثارها المبتدعة وما أتوا من أباطيل وتلفيقات حول الصحابي الجليل أبو هريرة - رضي الله عنه - ويتكون هذا الكتاب من بابين: الباب الأول: وفيه فصلان: الفصل الأول: تناولت فيه حياة أبي هريرة - رضي الله عنه - في مختلف مظاهرها، الخاصة والعامة. الفصل الثاني: حياة أبي هريرة العلمية، بينت فيه نشاط أبي هريرة العلمي، وطرق تحمله الحديث ونشر السنة، ومنزلته العلمية وثناء الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين عليه. الباب الثاني: وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول: عرضت ما أثاره عبد الحسين شرف الدين الموسوي من طعون في شخصية أبي هريرة وشبهات حول أحاديثه، وناقشتها وبينت وجه الحق فيها. الفصل الثاني: عرضت ما أثارها أبو رية من طعون وشبهات في أبي هريرة. الفصل الثالث: عرضت ما أثارها التيجاني من شبهات حول السنة النبوية.
المؤلف : عبد الله بن عبد العزيز بن علي الناصر
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/191526
- الجواهر الكلامية في إيضاح العقيدة الإسلاميةالجواهر الكلامية في إيضاح العقيدة الإسلامية: قال المؤلف - رحمه الله -: «فهذه رسالة مشتملة على المسائل المهمة في علم الكلام، قريبة المأخذ للأفهام، جعلتُها على طريق السؤال والجواب، وتساهلتُ في عباراتها تسهيلاً للطلاب».
المؤلف : طاهر الجزائري
الناشر : موقع المكتبة الوقفية http://www.waqfeya.com - موقع معرفة الله http://knowingallah.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/354391
- وسائل الثبات على دين اللهوسائل الثبات على دين الله: فإن الثبات على دين الله مطلب أساسي لكل مسلم صادق يريد سلوك الصراط المستقيم بعزيمة ورشد. ولا شك عند كل ذي لُبٍّ أن حاجة المسلم اليوم لوسائل الثبات أعظم من حاجة أخيه أيام السلف، والجهد المطلوب لتحقيقه أكبر؛ لفساد الزمان، ونُدرة الأخوان، وضعف المُعين، وقلَّة الناصر. ومن رحمة الله - عز وجل - بنا أن بيَّن لنا في كتابه وعلى لسان نبيِّه وفي سيرته - عليه الصلاة والسلام - وسائل كثيرة للثبات. وفي هذه الرسالة بعضٌ من هذه الوسائل.
المؤلف : محمد صالح المنجد
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/344364
- مختارات ولطائفمختارات ولطائف : فلا يزال الكتاب أفضل مؤنس وخير جليس، على رغم انتشار الملهيات ووسائل الإعلام الجذابة. ورغبة في تنوع مواضيع القراءة وجعلها سهلة ميسورة جمعت هذه المتفرقات؛ فتغني عن مجالس السوء، وتشغل أوقات الفراغ بما يفيد. تقرأ في السفر والحضر وفي المنازل وبين الأصحاب، وينال منها الشباب الحظ الأوفر حيث التنوع والاختصار.
المؤلف : عبد الملك القاسم
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/218469