القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الأنعام
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) (الأنعام) 

يَقُول تَعَالَى " قُلْ " يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ فِي إِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ وَالتَّوَكُّل عَلَيْهِ " أَغْيَر اللَّه أَبْغِي رَبًّا " أَيْ أَطْلُب رَبًّا سِوَاهُ" وَهُوَ رَبّ كُلّ شَيْء " يُرَبِّينِي وَيَحْفَظنِي وَيَكْلَؤُنِي وَيُدَبِّر أَمْرِي أَيْ لَا أَتَوَكَّل إِلَّا عَلَيْهِ وَلَا أُنِيب إِلَّا إِلَيْهِ لِأَنَّهُ رَبّ كُلّ شَيْء وَمَلِيكه وَلَهُ الْخَلْق وَالْأَمْر فَفِي هَذِهِ الْآيَة الْأَمْر بِإِخْلَاصِ التَّوْكِيل تَضَمَّنَتْ الَّتِي قَبْلهَا إِخْلَاص الْعِبَادَة لِلَّهِ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَهَذَا الْمَعْنَى يُقْرَن بِالْآخَرِ كَثِيرًا فِي الْقُرْآن كَقَوْلِهِ تَعَالَى مُرْشِدًا لِعِبَادِهِ أَنْ يَقُولُوا لَهُ " إِيَّاكَ نَعْبُد وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين " وَقَوْله " فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ" وَقَوْله " قُلْ هُوَ الرَّحْمَن آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا" وَقَوْله " رَبّ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب لَا إِلَه هُوَ فَاِتَّخِذْهُ وَكِيلًا " وَأَشْبَاه ذَلِكَ مِنْ الْآيَات وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا تَكْسِب كُلّ نَفْس إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِر وَازِرَة وِزْر أُخْرَى" إِخْبَار عَنْ الْوَاقِع يَوْم الْقِيَامَة فِي جَزَاء اللَّه تَعَالَى وَحُكْمه وَعَدْله أَنَّ النُّفُوس إِنَّمَا تُجَازَى بِأَعْمَالِهَا إِنْ خَيْرًا فَخَيْر وَإِنْ شَرًّا فَشَرّ وَأَنَّهُ لَا يُحْمَل مِنْ خَطِيئَة أَحَد عَلَى أَحَد وَهَذَا مِنْ عَدْله تَعَالَى كَمَا قَالَ" وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَة إِلَى حِمْلهَا لَا يُحْمَل مِنْهُ شَيْء وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى " وَقَوْله تَعَالَى " فَلَا يَخَاف ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا " قَالَ عُلَمَاء التَّفْسِير : أَيْ فَلَا يُظْلَم بِأَنْ يُحْمَل عَلَيْهِ سَيِّئَات غَيْره وَلَا تُهْضَم بِأَنْ يُنْقَص مِنْ حَسَنَاته وَقَالَ تَعَالَى " كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة إِلَّا أَصْحَاب الْيَمِين " مَعْنَاهُ كُلّ نَفْس مُرْتَهِنَة بِعَمَلِهَا السَّيِّئ إِلَّا أَصْحَاب الْيَمِين فَإِنَّهُ قَدْ يَعُود بَرَكَة أَعْمَالهمْ الصَّالِحَة عَلَى ذُرِّيَّاتهمْ وَقَرَابَاتهمْ كَمَا قَالَ فِي سُورَة الطُّور " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتهمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتهمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلهمْ مِنْ شَيْء " أَيْ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتهمْ فِي الْمَنْزِلَة الرَّفِيعَة فِي الْجَنَّة وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا قَدْ شَارَكُوهُمْ فِي الْأَعْمَال بَلْ فِي أَصْل الْإِيمَان وَمَا أَلَتْنَاهُمْ أَيْ أَنْقَصْنَا أُولَئِكَ السَّادَة الرُّفَعَاء مِنْ أَعْمَالهمْ شَيْئًا حَتَّى سَاوَيْنَاهُمْ وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ أَنْقَص مِنْهُمْ مَنْزِلَة بَلْ رَفَعَهُمْ تَعَالَى إِلَى مَنْزِلَة الْآبَاء بِبَرَكَةِ أَعْمَالهمْ بِفَضْلِهِ وَمِنَّته ثُمَّ قَالَ " كُلّ اِمْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِين " أَيْ مِنْ شَرّ وَقَوْله " ثُمَّ إِلَى رَبّكُمْ مَرْجِعكُمْ فَيُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ " أَيْ اِعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ فَسَتَعْرِضُونَ وَنَعْرِض عَلَيْهِ وَيُنَبِّئنَا وَإِيَّاكُمْ بِأَعْمَالِنَا وَأَعْمَالكُمْ وَمَا كُنَّا نَخْتَلِف فِي الدَّار الدُّنْيَا كَقَوْلِهِ " قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَل عَمَّا تَعْمَلُونَ قُلْ يَجْمَع بَيْننَا رَبّنَا ثُمَّ يَفْتَح بَيْننَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاح الْعَلِيم " .
كتب عشوائيه
- هيا نتعلم الوضوءكتاب للصغار يحتوي على ثمان صفحات من الرسومات التوضيحية لتعليم الوضوء.
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/328741
- صفة العمرةصفة العمرة: قال المؤلف: فهذه رسالة لطيفة نافعة في (صفة العُمْرة مِن الإحْرام حَتى التَّحلل) مع أدعية مختارة من القرآن والسنة. وقد جمعناها تحقيقاً وامتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم كل مسلم ومسلمة بأخذ مناسك الحج والعمرة عنه. وقد أخذناها من كتابنا الجامع (مُخْتصَرُ الفقه الإسْلاميّ) وأفردناها لأهميتها ، وحاجة كل حاج ومعتمر إلى معرفتها.
المؤلف : محمد بن إبراهيم التويجري
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/380416
- نور الإسلام وظلمات الكفر في ضوء الكتاب والسنةنور الإسلام وظلمات الكفر في ضوء الكتاب والسنة: رسالة في بيان مفهوم الإسلام ومراتبه وثمراته ومحاسنه ونواقضه، وبيان معنى الكفر ومفهومه وأنواعه، وخطورة التكفير وأصول المكفرات، وآثار الكفر وأضراره.
المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني
الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1944
- نيل المرام من أحكام الصيام على طريقة السؤال والجوابنيل المرام من أحكام الصيام على طريقة السؤال والجواب: رسالة مهمة جمعت بين صفحاتها أشهر الأسئلة التي تدور على ألسنة الناس وفي أذهانهم فيما يخص الصيام والقيام، والعيدين، وزكاة الفطر، والاعتكاف، وغير ذلك مما يخصُّ شهر رمضان؛ ليكون القارئ على بيِّنةٍ من أمره في أمور العبادات.
المؤلف : أحمد بن عبد العزيز الحمدان
الناشر : موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/364333
- موطأة الفصيح [ نظم فصيح ثعلب ]موطأة الفصيح: أرجوزة بديعة النظم، متينة السبك، عذبة الألفاظ، في غاية السلاسة، وجمال الإيقاع، نظم ناظمها فصيحَ الإمام العلم: ثعلب، أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني مولاهم، (ت291هـ)، ذلكم الكتاب الذي قصد به مؤلفه – يرحمه الله – ذكر فصيح كلام العرب، والتنبيه على كيفية نطقه، والتحذير والإشارة إلى ما تلحن فيه العامة من هذا الإرث اللغوي المبارك. وقد اشتهر هذا الكتاب (الفصيح) شهرة طبّقت الآفاق، وسارت بخبره الركبان، حتّى ذكر ابن درستويه في مقدمة شرحه للفصيح الموسوم بـ « تصحيح الفصيح وشرحه » أن كتَّاب الدواوين عوّلوا عليه من غير أن يفصحوا عن معانيه، ويعرفوا تفسيره، وقياس أبنيته، وعلل أمثلته، اتكالاً على أنّ من حفظ ألفاظ الفصيح فقد بلغ الغاية من البراعة، وجاوز النهاية في التأدب ".
المدقق/المراجع : عبد الله بن محمد سفيان الحكمي
الناشر : موقع المتون العلمية http://www.almtoon.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/335288