القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة الأحزاب
مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ۚ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ۚ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ۖ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) (الأحزاب)
يَقُول تَعَالَى مُوَطِّئًا قَبْل الْمَقْصُود الْمَعْنَوِيّ أَمْرًا مَعْرُوفًا حِسِّيًّا وَهُوَ أَنَّهُ كَمَا لَا يَكُون لِلشَّخْصِ الْوَاحِد قَلْبَانِ فِي جَوْفه وَلَا تَصِير زَوْجَته الَّتِي يُظَاهِر مِنْهَا بِقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أُمًّا لَهُ كَذَلِكَ لَا يَصِير الدَّعِيّ وَلَدًا لِلرَّجُلِ إِذَا تَبَنَّاهُ فَدَعَاهُ اِبْنًا لَهُ فَقَالَ" مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجكُمْ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُمْ " كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ " مَا هُنَّ أُمَّهَاتهمْ إِنْ أُمَّهَاتهمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ " الْآيَة . وَقَوْله تَعَالَى : " وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ " هَذَا هُوَ الْمَقْصُود بِالنَّفْيِ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْن زَيْد بْن حَارِثَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ " مَوْلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَبَنَّاهُ قَبْل النُّبُوَّة فَكَانَ يُقَال لَهُ زَيْد بْن مُحَمَّد فَأَرَادَ اللَّه تَعَالَى أَنْ يَقْطَع هَذَا الْإِلْحَاق وَهَذِهِ النِّسْبَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ " كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي أَثْنَاء السُّورَة " مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ وَلَكِنْ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا " وَقَالَ هَهُنَا " ذَلِكُمْ قَوْلكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ " يَعْنِي تَبَنِّيكُمْ لَهُمْ قَوْل لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُون اِبْنًا حَقِيقِيًّا فَإِنَّهُ مَخْلُوق مِنْ صُلْب رَجُل آخَر فَمَا يُمْكِن أَنْ يَكُون لَهُ أَبَوَانِ كَمَا لَا يُمْكِن أَنْ يَكُون لِلْبَشَرِ الْوَاحِد قَلْبَانِ " وَاَللَّه يَقُول الْحَقّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل " قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر" يَقُول الْحَقّ " أَيْ الْعَدْل وَقَالَ قَتَادَة " وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل " أَيْ الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم وَقَدْ ذَكَرَ غَيْر وَاحِد أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ قُرَيْش كَانَ يُقَال لَهُ ذُو الْقَلْبَيْنِ وَأَنَّهُ كَانَ يَزْعُم أَنَّ لَهُ قَلْبَيْنِ كُلّ مِنْهُمَا بِعَقْلٍ وَافِر فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْآيَة رَدًّا عَلَيْهِ . هَكَذَا رَوَى الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَقَالَهُ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير. وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا حَسَن حَدَّثَنَا زُهَيْر عَنْ قَابُوس يَعْنِي اِبْن أَبِي ظَبْيَان قَالَ إِنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ قُلْت لِابْنِ عَبَّاس : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه تَعَالَى : " مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه " مَا عَنَى بِذَلِكَ ؟ قَالَ قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يُصَلِّي فَخَطَرَ خَطْرَة فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ مَعَهُ أَلَا تَرَوْنَ لَهُ قَلْبَيْنِ قَلْبًا مَعَكُمْ وَقَلْبًا مَعَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه " وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الدَّارِمِيّ عَنْ صَاعِد الْحَرَّانِيّ عَنْ عَبْد بْن حُمَيْد وَعَنْ أَحْمَد بْن يُونُس كِلَاهُمَا عَنْ زُهَيْر وَهُوَ اِبْن مُعَاوِيَة بِهِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا حَدِيث حَسَن وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث زُهَيْر بِهِ. وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ فِي قَوْله " مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه " قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَيْد بْن حَارِثَة ضُرِبَ لَهُ مَثَل يَقُول لَيْسَ اِبْن رَجُل آخَر اِبْنك وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة وَابْن زَيْد أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي زَيْد بْن حَارِثَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ " وَهَذَا يُوَافِق مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّفْسِير وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم .
كتب عشوائيه
- مختصر إظهار الحقإظهار الحق : يعتبر هذا الكتاب أدق دراسة نقدية في إثبات وقوع التحريف والنسخ في التوراة والإنجيل، وإبطال عقيدة التثليث وألوهية المسيح، وإثبات إعجاز القرآن ونبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، والرد على شُبه المستشرقين والمنصرين، وفي هذه الصفحة اختصار لهذا الكتاب القيم في مجلد لطيف؛ حتى يسهل فهمه والاستفادة منه..
المؤلف : رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي - محمد أحمد ملكاوي
الناشر : موقع الإسلام http://www.al-islam.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/73722
- هذا الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يامحبهذا الحبيب يامحب: يتناول الكتاب سيرة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، مع بعض الأخلاق والآداب المحمدية، متبعاً كل مبحث بالنتائج والعبر التي يمكن أن تستقى منه.
المؤلف : أبو بكر جابر الجزائري
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/141342
- الملتقط من كتاب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم للإمام أحمد بن حنبلطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم : هذه الرسالة صنفها إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - ولما كانت هذه الرِّسالة قد فُقد أصلها إلا أنّ الله حفظها فيما نقله الأئمة متفرِّقًا منها، ولذا قام فضيلة الدكتور: عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله السدحان - وفقه الله - بجمع ما تفرَّق من هذه الرسالة في أمهات كتب الأئمة، فصارت - ولله الحمد - ماثلةً بين أيدي طلبة العلم، والحاجة ماسَّة إليها في هذا الزمان الذي كثُر فيه التعالم. - قدم لها: فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله -.
المؤلف : أحمد بن حنبل - عبد العزيز بن محمد السدحان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/233547
- دليل فهم القرآن المجيددليل فهم القرآن المجيد: كتابٌ مفيدٌ في التعريف بكيفية تدبُّر القرآن الكريم وفهمه، وقد قسَّمه المؤلف إلى ثلاثة فصول: الأول: إيقاظ وتنبيه قبل الانتفاع بالقرآن. الثاني: المنهج الصحيح لفهم القرآن المجيد. الثالث: بحوث ومناقشات في المعارف القرآنية. وذكر في آخر هذا الفصل: أهم الكتب المُعينة على فهم القرآن وعلومه. الخاتمة: وفيها تنبيهاتٌ بديعة نافعة.
المؤلف : أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/371040
- العصبية القبلية من المنظور الإسلاميالعصبية القبلية : هذه الكتاب مقسم إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة: فبين - المؤلف - في المقدمة دعوة الإسلام إلى الاعتصام بحبل الله، والتوحد والاجتماع على الخير، وأن معيار العقيدة هو المعيار الأساس للعلاقة الإنسانية، وأوضح في الفصل الأول: مفهوم العصبية القبلية ومظاهرها في الجاهلية، وفي الفصل الثاني: بيان العصبية الجاهلية المعاصرة ومظاهرها، وفي الثالث: تناول فيه معالجة الإسلام للعصبيات، وبين بعدها المبادئ التي رسخها في نفوس المسلمين، وضمن الخاتمة مهمات النتائج التي توصل إليها، والتوصيات. - قدم لها: فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، وفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع، والأديب عبد الله بن محمد بن خميس - حفظهم الله -.
المؤلف : خالد بن عبد الرحمن الجريسي
الناشر : مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان - شبكة الألوكة http://www.alukah.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/166708