القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة البقرة
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) (البقرة)
قَالَ فِي الْأَمْر الثَّانِي " وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْت فَوَلِّ وَجْهك شَطْر الْمَسْجِد الْحَرَام وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبّك وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " فَذَكَرَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ اللَّه وَارْتِقَاءَهُ الْمَقَام الْأَوَّل حَيْثُ كَانَ مُوَافِقًا لِرِضَا الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيَّنَ أَنَّهُ الْحَقّ أَيْضًا مِنْ اللَّه يُحِبُّهُ وَيَرْتَضِيه وَذَكَرَ فِي الْأَمْر الثَّالِث حِكْمَة قَطْع حُجَّة الْمُخَالِف مِنْ الْيَهُود الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَجَّجُونَ بِاسْتِقْبَالِ الرَّسُول إِلَى قِبْلَتهمْ وَقَدْ كَانُوا يَعْلَمُونَ بِمَا فِي كُتُبهمْ أَنَّهُ سَيُصْرَفُ إِلَى قِبْلَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الْكَعْبَة وَكَذَلِكَ مُشْرِكُو الْعَرَب اِنْقَطَعَتْ حُجَّتهمْ لَمَّا صُرِفَ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِبْلَة إِبْرَاهِيم الَّتِي هِيَ أَشْرَف وَقَدْ كَانُوا يُعَظِّمُونَ الْكَعْبَة وَأَعْجَبَهُمْ اِسْتِقْبَال الرَّسُول إِلَيْهَا وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَجْوِبَة عَنْ حِكْمَة التَّكْرَار وَقَدْ بَسَطَهَا الرَّازِيّ وَغَيْره وَاَللَّه أَعْلَم : وَقَوْله " لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّة " أَيْ أَهْل الْكِتَاب فَإِنَّهُمْ يَعْلَمُونَ مِنْ صِفَة هَذِهِ الْأُمَّة التَّوَجُّه إِلَى الْكَعْبَة فَإِذَا فَقَدُوا ذَلِكَ مِنْ صِفَتهَا رُبَّمَا اِحْتَجُّوا بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلِئَلَّا يَحْتَجُّوا بِمُوَافَقَةِ الْمُسْلِمِينَ إِيَّاهُمْ فِي التَّوَجُّه إِلَى بَيْت الْمَقْدِس وَهَذَا أَظْهَر قَالَ أَبُو الْعَالِيَة " لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّة " يَعْنِي بِهِ أَهْل الْكِتَاب حِين قَالُوا صُرِفَ مُحَمَّد إِلَى الْكَعْبَة : وَقَالُوا اِشْتَاقَ الرَّجُل إِلَى بَيْت أَبِيهِ وَدِين قَوْمه وَكَانَ حُجَّتهمْ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْصِرَافه إِلَى الْبَيْت الْحَرَام أَنْ قَالُوا سَيَرْجِعُ إِلَى دِيننَا كَمَا رَجَعَ إِلَى قِبْلَتنَا قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم وَرَوَى عَنْ مُجَاهِد وَعَطَاء وَالضَّحَّاك وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ نَحْو هَذَا وَقَالَ هَؤُلَاءِ فِي قَوْله " إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ " يَعْنِي مُشْرِكِي قُرَيْش وَوَجَّهَ بَعْضهمْ حُجَّة الظَّلَمَة وَهِيَ دَاحِضَة أَنْ قَالُوا إِنَّ هَذَا الرَّجُل يَزْعُم أَنَّهُ عَلَى دِين إِبْرَاهِيم فَإِنْ كَانَ تَوَجُّهه إِلَى بَيْت الْمَقْدِس عَلَى مِلَّة إِبْرَاهِيم فَلِمَ رَجَعَ عَنْهُ وَالْجَوَاب أَنَّ اللَّه تَعَالَى اِخْتَارَ لَهُ التَّوَجُّه إِلَى الْبَيْت الْمَقْدِس أَوَّلًا لِمَا لَهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَة فَأَطَاعَ رَبّه تَعَالَى فِي ذَلِكَ ثُمَّ صَرَفَهُ إِلَى قِبْلَة إِبْرَاهِيم وَهِيَ الْكَعْبَة فَامْتَثَلَ أَمْر اللَّه فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَهُوَ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ مُطِيع لِلَّهِ فِي جَمِيع أَحْوَاله لَا يَخْرُج عَنْ أَمْر اللَّه طَرْفَة عَيْن وَأُمَّته تَبَعٌ لَهُ وَقَوْله " فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي" أَيْ لَا تَخْشَوْا شُبَه الظَّلَمَة الْمُتَعَنِّتِينَ وَأَفْرِدُوا الْخَشْيَة لِي فَإِنَّهُ تَعَالَى هُوَ أَهْل أَنْ يُخْشَى مِنْهُ : وَقَوْله " وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ " عَطْف عَلَى لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّة أَيْ لِأُتِمّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ فِيمَا شَرَعْت لَكُمْ مِنْ اِسْتِقْبَال الْكَعْبَة لِتَكْمُل لَكُمْ الشَّرِيعَة مِنْ جَمِيع وُجُوههَا " وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " أَيْ إِلَى مَا ضَلَّتْ عَنْهُ الْأُمَم هَدَيْنَاكُمْ إِلَيْهِ وَخَصَصْنَاكُمْ بِهِ وَلِهَذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأُمَّة أَشْرَفَ الْأُمَم وَأَفْضَلهَا.
كتب عشوائيه
- هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة؟هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة ؟: هذه الرسالة من أنفس ما كُتِبَ عن الإجتهاد والتقليد، وسبب تأليفها هو ما ذكره المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ في مقدّمتها قائلاً: إنه كان ورد علي ّ سؤال من مسلمي اليابان من بلدة ( طوكيو ) و ( أوزاكا ) في الشرق الأقصى؛ حاصله: ما حقيقة دين الإسلام؟ ثم ما معنى المذهب؟ وهل يلزم على من تشرف بدين الإسلام أن يتمذهب على أحد المذاهب الأربعة؟ أي أن يكون مالكيا أو حنفيا, أو شافعيا, أو حنبليا, أو غيرها أو لا يلزم؟ لأنه قد وقع اختلاف عظيم ونزاع وخيم حينما أراد عدة أنفار من متنوّري الأفكار من رجال اليابان أن يدخلوا في دين الإسلام ويتشرفوا بشرف الإيمان فعرضوا ذلك على جمعية المسلمين الكائنة في طوكيو فقال جمع من أهل الهند ينبغي أن يختاروا مذهب الإمام أبي حنيفة لأنه سراج الأمة، وقال جمع من أهل أندونيسيا يلزم ان يكون شافعيا. فلما سمع اليابانيون كلامهم تعجبوا وتحيروا فيما قصدوا وصارت مسألة المذاهب سدا في سبيل إسلامهم، كانت الرسالة هي الجواب.
المؤلف : محمد سلطان المعصومي الخجندي
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/204084
- موضوعات صالحة للخطب والوعظيحتوي هذا الكتاب على 37 خطبة استفادها المصنف من كتب العلامة ابن القيم - رحمه الله -. والخطب منها ما يتعلق بمعرفة الله - سبحانه وتعالى - بطرقه ودلائله، ومعرفة حكمته في خلقه وأمره، ومعرفة قدر الشريعة من حيث العموم وفي مسائل معينة ذكرتها، ومعرفة معجزات النبوة، ومسائل تتعلق بأعمال القلوب، ومبدأ الإنسان وميزانه ومصيره، إلى غير ذلك
المؤلف : محمد بن عبد الرحمن بن قاسم
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/70856
- التصفية والتربية وحاجة المسلمين إليهماالتصفية والتربية وحاجة المسلمين إليهما: هذه الرسالة أصلها محاضرة ألقاها المحدث العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في المعهد الشرعي في عمان بالأردن. بيَّن فيها الشيخ - رحمه الله - المنهج الحق الذي يجب أن نكون عليه جميعًا، وجمع ذلك في كلمتين اثنتين هما: التصفية والتربية، وقد عاش عمره كله وهو يسير على هذا المنهج؛ من تصفية العقيدة مما شابها من العقائد الباطلة والفاسدة، وتصفية السنة مما أُدخِل فيها من أحاديث ضعيفة وموضوعة، وتصفية الفقه من الآراء والمُحدثات المخالفة للنصوص الصريحة، ثم التربية على ما صحَّ وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني
الناشر : موقع المكتبة الوقفية http://www.waqfeya.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/344363
- تفسير آيات من القرآن الكريمهذا الكتاب يتكون من 400 صفحة يحتوي على تفسير آيات من القرآن الكريم.
المؤلف : محمد بن عبد الوهاب
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/264163
- كمال الأمة في صلاح عقيدتهاكمال الأمة في صلاح عقيدتها : شرح آية: ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها.
المؤلف : أبو بكر جابر الجزائري
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/172271