القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة إبراهيم
يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ۖ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) (إبراهيم)
وَقَوْله" يَتَجَرَّعُهُ " أَيْ يَتَغَصَّصه وَيَتَكَرَّههُ أَيْ يَشْرَبُهُ قَهْرًا وَقَسْرًا لَا يَضَعُهُ فِي فَمِهِ حَتَّى يَضْرِبَهُ الْمَلَكُ بِمِطْرَاقٍ مِنْ حَدِيد كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ " " وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ " أَيْ يَزْدَرِيه لِسُوءِ طَعْمِهِ وَلَوْنِهِ وَرِيحِهِ وَحَرَارَته أَوْ بَرْدِهِ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ " وَيَأْتِيه الْمَوْت مِنْ كُلِّ مَكَانٍ " أَيْ يَأْلَمُ لَهُ جَمِيع بَدَنِهِ وَجَوَارِحِهِ وَأَعْضَائِهِ قَالَ عَمْرو بْن مَيْمُون بْن مِهْرَان مِنْ كُلّ عَظْم وَعَصَب وَعِرْق وَقَالَ عِكْرِمَة حَتَّى مِنْ أَطْرَاف شَعْره وَقَالَ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ مِنْ مَوْضِع كُلّ شَعْرَة أَيْ مِنْ جَسَده حَتَّى مِنْ أَطْرَاف شَعْره وَقَالَ اِبْن جَرِير " وَيَأْتِيه الْمَوْت مِنْ كُلّ مَكَان " أَيْ مِنْ أَمَامه وَخَلْفه وَفِي رِوَايَة وَعَنْ يَمِينه وَشِمَاله وَمِنْ فَوْقه وَمِنْ تَحْت أَرْجُله وَمِنْ سَائِر أَعْضَاء جَسَده وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَيَأْتِيه الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ " قَالَ أَنْوَاع الْعَذَاب الَّذِي يُعَذِّبُهُ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ لَيْسَ مِنْهَا نَوْعٌ إِلَّا يَأْتِيه الْمَوْتُ مِنْهُ لَوْ كَانَ يَمُوتُ وَلَكِنْ لَا يَمُوت لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ" لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا " وَمَعْنَى كَلَام اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَنَّهُ مَا مِنْ نَوْع مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاع مِنْ الْعَذَاب إِلَّا إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ اِقْتَضَى أَنْ يَمُوت مِنْهُ لَوْ كَانَ يَمُوت وَلَكِنَّهُ لَا يَمُوت لِيَخْلُدَ فِي دَوَام الْعَذَاب وَالنَّكَال وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَيَأْتِيه الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ " وَقَوْله " وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ" أَيْ وَلَهُ مِنْ بَعْد هَذِهِ الْحَال عَذَاب آخَر غَلِيظ أَيْ مُؤْلِم صَعْب شَدِيد أَغْلَظُ مِنْ الَّذِي قَبْله وَأَدْهَى وَأَمَرُّ وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ شَجَرَة الزَّقُّوم " إِنَّهَا شَجَرَة تَخْرُج فِي أَصْل الْجَحِيم طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوس الشَّيَاطِين فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُون ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيم " فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ تَارَة يَكُونُونَ فِي أَكْل زَقُّومٍ وَتَارَةً فِي شُرْبِ حَمِيم وَتَارَة يَرِدُونَ إِلَى جَحِيم عِيَاذًا بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَهَكَذَا قَالَ تَعَالَى " هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنهَا وَبَيْن حَمِيمٍ آنٍ " وَقَالَ تَعَالَى " إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ذُقْ إِنَّك أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ " وَقَالَ " وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَاب الشِّمَال فِي سَمُوم وَحَمِيم وَظِلّ مِنْ يَحْمُوم لَا بَارِد وَلَا كَرِيم " وَقَالَ تَعَالَى " هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّم يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَاد" " هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيم وَغَسَّاق وَآخَر مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ" إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْآيَات الدَّالَّة عَلَى تَنَوُّع الْعَذَاب عَلَيْهِمْ وَتَكْرَاره وَأَنْوَاعه وَأَشْكَاله مِمَّا لَا يُحْصِيه إِلَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ جَزَاء وِفَاقًا " وَمَا رَبّك بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " .
كتب عشوائيه
- معجم افتراءات الغرب على الإسلامتعرض الإسلام ورسوله الكريم منذ زمن طويل لهجوم عنيف من قبل خصومه وأعدائه، وهؤلاء الأعداء منهم الظاهر المجاهر في عدائه، ومنهم المستتر غير المجاهر الذي يدس السم في العسل. وقد وجدنا بعض الأقلام الحاقدة، من ذوي الأفكار المشوهه، قد اهتمت بإثارة الشبهات وتدوين التشكيكات، ضمن حالة من الاستنفار العام للهجوم على الاسلام وأهله. وفي هذه الدراسة سوف نقوم بعرض شبهات علماء ومفكري الغرب وافتراءاتهم على الإسلام في محاولة النيل منه، ومحاولة الرد عليها بعلمية وموضوعية.
المؤلف : أنور محمود زناتي
الناشر : موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/372701
- 100 فائدة من سورة يوسف100 فائدة من سورة يوسف: بحث قيم يشرح فيه الشيخ محمد بن صالح المنجد حفظه الله سورة يوسف، مبينًا الدروس والعبر والأحكام منها.
المؤلف : محمد صالح المنجد
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/44756
- معالم في طريق طلب العلممعالم في طريق طلب العلم : رسالة قيمة تحتوي على بعض الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم، مع بعض ما يستعين به على التحصيل ويتحلى به في حياته، وبعض السبل والوسائل التي تمكنه من نيل المطلوب، وما يتجنبه من الأخلاق الدنيئة والسمات الرذيلة، وغير ذلك.
المؤلف : عبد العزيز بن محمد السدحان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/307785
- الدنيا ظل زائلالدنيا ظل زائل: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من رأى تهافت الناس على الدنيا والفرح بها والجري وراء حطامها ليأخذه العجب.. فهل هذا منتهى الآمال ومبتغى الآجال؟! كأنهم ما خلقوا إلا لتحصيل المادة وجمعها واللهث ورائها. ونسوا يومًا يرجعون فيه إلى الله. وهذا هو الجزء السابع من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟!» تحت عنوان «الدنيا ظل زائل» جمعت فيه نظر من كان قبلنا إلى هذه الحياة الدنيا وهم الذين أيقنوا وعلموا أنها دار ممر ومحطة توقف ثم بعدها الرحيل الأكيد والحساب والجزاء. والكتاب فيه تذكير بالمعاد والمصير وتزويد للسائر على الطريق».
المؤلف : عبد الملك القاسم
الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/229613
- التوبة وظيفة العمرالتوبة وظيفة العمر : فإن التوبة وظيفة العمر، وبداية العبد ونهايته، وأول منازل العبودية، وأوسطها، وآخرها. وإن حاجتنا إلى التوبة ماسة، بل إن ضرورتنا إليها ملحَّة؛ فنحن نذنب كثيرًا ونفرط في جنب الله ليلاً ونهارًا؛ فنحتاج إلى ما يصقل القلوب، وينقيها من رين المعاصي والذنوب، ثم إن كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون؛ فالعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية. وهذا الكتاب يحتوي على بيان فضائل التوبة وأحكامها، ثم بيان الطريق إلى التوبة، وقد اختصره المؤلف في كتاب يحمل نفس العنوان، ويمكن الوصول إليه عن طريق صفحة المؤلف في موقعنا.
المؤلف : محمد بن إبراهيم الحمد
الناشر : موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/172578