القرآن الكريم » تفسير ابن كثر » سورة يونس
وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88) (يونس)
هَذَا إِخْبَار مِنْ اللَّه تَعَالَى عَمَّا دَعَا بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ لَمَّا أَبَوْا قَبُول الْحَقّ وَاسْتَمَرُّوا عَلَى ضَلَالهمْ وَكُفْرهمْ مُعَانِدِينَ جَاحِدِينَ ظُلْمًا وَعُلُوًّا وَتَكَبُّرًا وَعُتُوًّا قَالَ " رَبّنَا إِنَّك آتَيْت فِرْعَوْن وَمَلَأَهُ زِينَة " أَيْ مِنْ أَثَاث الدُّنْيَا وَمَتَاعهَا " وَأَمْوَالًا " أَيْ جَزِيلَة كَثِيرَة " فِي " هَذِهِ " الْحَيَاة الدُّنْيَا رَبّنَا لِيَضِلُّوا عَنْ سَبِيلك " بِفَتْحِ الْيَاء أَيْ أَعْطَيْتهمْ ذَلِكَ وَأَنْتَ تَعْلَم أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِمَا أَرْسَلْتنِي بِهِ إِلَيْهِمْ اِسْتِدْرَاجًا مِنْك لَهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " لِنَفْتِنهُمْ فِيهِ " وَقَرَأَ آخَرُونَ لِيُضِلُّوا بِضَمِّ الْيَاء أَيْ لِيَفْتَتِنَ بِمَا أَعْطَيْتهمْ مَنْ شِئْت مِنْ خَلْقك لِيَظُنّ مَنْ أَغْوَيْته أَنَّك إِنَّمَا أَعْطَيْتهمْ هَذَا لِحُبِّك إِيَّاهُمْ وَاعْتِنَائِك بِهِمْ " رَبّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ " قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد أَيْ أَهْلِكْهَا وَقَالَ الضَّحَّاك وَأَبُو الْعَالِيَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس جَعَلَهَا اللَّه حِجَارَة مَنْقُوشَة كَهَيْئَةِ مَا كَانَتْ وَقَالَ قَتَادَة بَلَغَنَا أَنَّ زُرُوعهمْ تَحَوَّلَتْ حِجَارَة وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ جَعَلَ سُكَّرهمْ حِجَارَة وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي الْحَارِث حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي بُكَيْر عَنْ أَبِي مَعْشَر حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن قَيْس أَنَّ مُحَمَّد بْن كَعْب قَرَأَ سُورَة يُونُس عَلَى عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز حَتَّى بَلَغَ " وَقَالَ مُوسَى رَبّنَا إِنَّك آتَيْت فِرْعَوْن وَمَلَأَهُ زِينَة وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا " إِلَى قَوْله " رَبّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ " الْآيَة . فَقَالَ عُمَر يَا أَبَا حَمْزَة أَيّ شَيْء الطَّمْس ؟ قَالَ : عَادَتْ أَمْوَالهمْ كُلّهَا حِجَارَة فَقَالَ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز لِغُلَامٍ لَهُ اِئْتِنِي بِكِيسٍ فَجَاءَهُ بِكِيسٍ فَإِذَا فِيهِ حِمَّص وَبَيْض قَدْ حُوِّلَ حِجَارَة وَقَوْله " وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبهمْ " قَالَ اِبْن عَبَّاس أَيْ اِطْبَعْ عَلَيْهَا " فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَاب الْأَلِيم " وَهَذِهِ الدَّعْوَة كَانَتْ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام غَضَبًا لِلَّهِ وَلِدِينِهِ عَلَى فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ الَّذِينَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُمْ لَا خَيْر فِيهِمْ وَلَا يَجِيء مِنْهُمْ شَيْء كَمَا دَعَا نُوح عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ " رَبّ لَا تَذَر عَلَى الْأَرْض مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّك إِنْ تَذَرهُمْ يُضِلُّوا عِبَادك وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا " وَلِهَذَا اِسْتَجَابَ اللَّه تَعَالَى لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِيهِمْ هَذِهِ الدَّعْوَة الَّتِي أَمَّنَ عَلَيْهَا أَخُوهُ هَارُون .
كتب عشوائيه
- توحيد الخالقتوحيد الخالق: كتابٌ يُلقي الضوء على أهمية التوحيد وفضله، وكيفية إقناع الناس به ودعوتهم إليه بالأدلة العقلية التي تسوقهم إلى الأدلة النقلية، مع ذكر المعجزات الكونية والعلمية التي أثبتَها القرآن الكريم وأثبتتها السنة المطهَّرة.
المؤلف : عبد المجيد بن عزيز الزنداني
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/339045
- قاعدة في الصبرقاعدة في الصبر: بدأ المؤلف - رحمه الله - هذه الرسالة ببيان أن الدين كله يرجع بجملته إلى أمرين هما: الصبر والشكر، واستدل لذلك بقوله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } وبقوله - صلـى الله عليه وسلم -: { عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله عجب، لا يقضي الله لمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له،وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له }. ثم بين أن الصبر عموماً ينقسم إلى ثلاثة أقسام هي: أولاً: صبر على الطاعة حتى يفعلها. ثانياً: صبر عن المنهي عنه حتى لا يفعله. ثالثاً: الصبر على ما يصيبه بغير اختياره من المصائب. ثم بين أن المصائب نوعان: النوع الأول: نوع لا اختيار للخلق فيه، كالأمراض وغيرها من المصائب السماوية، وهذا النوع يسهل الصبر فيه لأن العبد يشهد فيه قضاء الله وقدره،وأنه لا مدخل للناس فيه فيصبر إما اضطراراً وإما اختياراً. والنوع الثاني: المصائب التي تحصل للعبد بفعل الناس، في ماله أو عرضه أو نفسه، وهذا النوع يصعب الصبر عليه جداً لأن النفس تستشعر المؤذي لها وهي تكره الغلبة فتطلب الانتقام، ولا يصبر على هذا النوع إلا النبيون والصديقون. وقد اقتصر كلام المصنف - رحمه الله - في بقية الرسالة على الأسباب التي تعين العبد على الصبر على المصائب التي تصيبه بفعل الناس، وذكر ذلك من عشرين وجهاً. وختم المصنف كلامه بالإشارة إلى الأصل الثاني وهو: الشكر وفسره بأنه العمل بطاعة الله واقتصر على ذلك وخلت الرسالة من تفصيل القول في ذلك، ولعل السبب في ذلك هو تصرف من أفرد الرسالة بالذكر وفصلها عن باقي التصنيف وإلا فالرسالة لها تتمة، ويشهد لذلك ما ذكره ابن رشيق في تعداده لمؤلفات ابن تيمية حيث قال: "قاعدة في الصبر والشكر. نحو ستين ورقة" فقد تصرف المختصر في العنوان واقتصر كذلك على ما كتب في موضوع الصبر فقط، ولم يكمل بقية الرسالة، والله أعلم.
المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية
الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/344365
- الإمام الألباني دروس ومواقف وعبرالإمام الألباني دروس ومواقف وعبر : الرحلة في طلب العلم رحلة مليئة بالذكريات والمواقف، تبتدئ من المحبرة وتنتهي في المقبرة، يُستقى فيها من معين الكتاب والسنة علوم شتى، ولما كان طلاب العلم يتشوقون إلى معرفة سير علمائهم؛ فقد حرصنا على توفير بعض المواد التي ترجمت لهم، ومنها كتاب الإمام الألباني دروس ومواقف وعبر، للشيخ عبد العزيز السدحان.
المؤلف : عبد العزيز بن محمد السدحان
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/307934
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ أصوله وضوابطه وآدابه ]الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ أصوله وضوابطه وآدابه ]: بحث قيّم بذل فيه الشيخ الوُسعَ أو أكثره في تتبع كلام أهل العلم في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومراجعتها في مظانها للاستفادة من علومهم وفهومهم.
المؤلف : خالد بن عثمان السبت
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/45250
- كتاب الكبائر للشيخ محمد بن عبد الوهابالكبائر : فهذا كتاب الكبائر للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ذكر فيه جملة كبيرة من الكبائر معتمدا في ذلك على كلام الله - سبحانه وتعالى - وأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو يذكر عنوان الباب ثم يبدأ بقول الله - سبحانه وتعالى - ثم يذكر حديثا أو أكثر في الاستدلال على أن هذا الفعل كبيرة وربما يذكر بعض أقوال السلف في ذلك.
المؤلف : محمد بن عبد الوهاب
المصدر : http://www.islamhouse.com/p/264146